للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلطان الوفاء بالمرتبات مما أزعجه غاية الإزعاج «وأخذ يدعو على نفسه ويقبرم من السلطنة ويصرح بالخلع ويقول: عجزت عن دفع هذا المال وحمله لأربابه فى كل شهر».

***

كذلك لم تمض الأحكام وفق نظام أو نظم معينة، وكان من المفروض فيها أن تكون سارية على القاعدة الشرعية، بل استبد أصحاب النفوذ بطبقات المجتمع، ويشير المؤلف إلى صورة من صور الفساد الذى استشرى حين تولى أحدهم حسبة القاهرة، فكان هذا الشخص «فى غاية الشماخة والترفع من أن يقف على سوقى أو وزان أو بياع … بل يحضر أعوانه له بمن لا يعطونهم المعلوم المعهود عندهم فيضربه … وأحكامه بالبخت والنصيب (١)» وأصبحت الأوقاف نهبا لذوى السلطة «وأكلها المباشرون (٢)»؛ ولقد ترتب على ذلك كله ظهور فئة استغلت الطبقات الشعبية ووظائفها السلطانية وأثرت من ورائها بغير حق، ويقول الصيرفى فى معرض كلامه عن أحد المحتسبين (٣): «إن رسله الذين من جهته صار كل واحد منهم بأقمشة حرير والصوف العال الغالى والبغال الخاصة المزينة والعبيد والجوارى الذين فى الخدمة، والنفقات التى ينفقها كل يوم من لحوم وأعسال ودقيق وغير ذلك، بعد أن كان الواحد منهم لا يملك غير قميص أو ملوطة».

هذه أمثلة مما تضمنه هذا الكتاب، الذى يصور ذلك العصر أجلى تصوير، وربما كانت بساطة ابن الصيرفى هى التى دعته - عن غير قصد - إلى رسم تلك


(١) انباء الهصر ص ٤٢.
(٢) انباء الهصر ص ١٤١.
(٣) انباء الهصر ص ٢٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>