الوظائف فى أيام والده، وهذه الوظائف لها بأيديهم سنون أخذوها عن الآباء والجدود. وكان القاضى الحنفى الأمشاطى ضعف بعد موته ولزم الوسادة فسعى عنده خلق فلم يخرج منها شيئا، وكان يترجى العافية فقبض، فلما تولى هذا عوضه وحضر معه جماعة من دمشق أعطى شخصا منهم وظيفة فيها نحو الألف ومائتى كل شهر، وأعطى شخصا من نواب الحنفية يعرف بابن إسماعيل الحريرى وظيفة منهم بواسطة بعض رؤساء دمشق، وأعطى موقعا بحانوت مقابل الصالحية يعرف ببدر الدين ابن المصرى وظيفة، وشاط ولد الميت وعاط ووقف لأستاذه الأمير قانصوه الدوادار الثانى فأرسل له رسالة فلم يقبلها فإن ما بينهما غامر، وسبب ذلك أن السلطان نصره الله لما (١) سافر إلى البلاد الشامية من القاهرة فى يوم الاثنين ثانى عشرى جمادى الأول سنة اثنتين وثمانين ووصل إلى الفرات وعاد إلى دمشق كان قاضيها توفى وهو القاضى علاء الدين العجلونى الحنفى، فسأل السلطان:«من بدمشق يصلح لقضاء الحنفية؟» فذكروا الشيخ زين الدين عبد الرحمن ابن العينى أجل أصحاب مخدومنا رئيس الدنيا المقر الزينى ابن مزهر كاتب السر حفظه الله فطلبوه فامتنع فألزموه غصبا فعزل نفسه ولم يقبل، فذكر للسلطان أن القاضى شرف الدين موسى بن عيد كان نائبا عن العجلونى وشكروه فطلبه وولاه، فأقام فى ذلك إلى أن وقع بينه وبين ابن عرب شاه - أحد النواب الحنفية - فحضر إلى القاهرة وتولى عوضه قضاء الحنفية بدمشق، ووزن فى ذلك مالا بمساعدة الأمير قانصوه الدودار الثانى، ووقف مخدومنا المقر الزينى ابن مزهر كاتب السر حفظه فى عزله فإن السلطان نصره الله أعذق الأمر به وصار يراجع فى ذلك، فكلمه المقر المرحوم السيفى يشبك من مهدى الدوادار الكبير فى عزله، فما ساعه إلا الموافقة بعد أن أحضر، وأمر
(١) أمامها فى هامش المخطوطة «لما سافر السلطان للبلاد الشامية».