كتبه ما يدل على أنه يسأل فى الاستعفاء ولم يسأل فى ذلك بل حصل له ألم كبير بسبب عزله، وصار بطالا حتى وصل إلى القاهرة وتولى كما قدمنا، فهذا هو السبب فى عدم قبول رسالة الدودار الثانى. وأظهر هذا المذكور عن خفة زائدة، وكنا نقول عن الأمشاطى «أذن» فهذا أضعافه سريع الاستحالة مكلح الوجوه، سريع الولاية والعزل، وشرط على نوابه أن لا يأخذوا على الأحكام شيئا مطلقا، ومن أخذ شيئا كان معزولا، وإن بلغه أن أحدا تعاطى شيئا على الأحكام يركب بنفسه لمركزه وبعزره بأمور عددها. هذا لفظه بحضورى للعام منهم والخاص وأن لا يعطوا شيئا مطلقا حتى إذا أرادوا [أن] يعتقلوا أحدا وكتبوا وريقة (١) يعرضونها عليه [وكذلك] فى سائر الأحكام الجليلة والحقيرة، وهم ليس لهم مرتب على بيت المال، وفيهم من لا يملك قوت يومه فيحتاجون إلى الأخذ للضرورة فتصير أحكامهم باطلة وعقودهم فاسدة، وهو فلو فعل ذلك مع أنه يعطى الفقير منهم فى كل شهر ما يكفيه من مرتباته على الأوقاف أن كانوا يمتنعون وهو فما عليه بعد أن تكون له على الأوقاف والجهات فى كل يوم ثلاثة دنانير أو أكثر أو أقل إيش يفكر؟ هو كان له فى أوقاف دمشق ما يبلغ الثمن من ذلك، وكنت توليت عنه ثم منعت نفسى من الحكم بشروطه ولأمور أخر، وندم الأعيان على مساعدته، ويأتى من ألطاف الله تعالى ما لم يكن فى البال.
وفى هذه الأيام انتهى حساب الأمير مجد الدين بن البقرى على ما قبضه من البلاد وما قبضه من الخزائن الشريفة وحاسبوه حسابا فتظلم منه وأثبتوا فى جهته أشياء فذكر أنها فى البلاد وعيّنها لهم فلم يوافقوه، وطلبوا منه مال السنة الجديدة فذكر أنه صرفه ولم ينته له أمر وهكذا كان يفعل بمن كان قبله ففعل به، وغير هذا أن شاه بدق وصل إلى جهة حماة فارا من أخيه على دولات وأتباعه فى نفر يسير، وأن