للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجارية والعبد بعد أن اعترف بوطأ الجارية، وتأخر للمقر البدرى فى جهته بعد ذلك مال فنزل له منه جانب وكتب بينهما تبارى وشهدت به ورفيق معى واستحكمنا فيه ناسا من نواب المالكى بعد إقرار بعد من الاستحقاق، فصعد فى هذا إلى القلعة بالحوش السلطانى وصار يؤلب ويستشكى على المقر البدرى المحتسب ويتظلم ويدعى أن له فى ذمته ثمن أرز وغير ذلك، ويفسر بألفاظه العامية ويدعى أنه سعى فى الحسبة بكذا كذا ألف دينار، وراجعه (١) الحاضرون فصار يزيد ويقول: «أنا أحدثت مظالم؟ أنا آخذ الجبن «الخبز» أشتريه على ذمتى بثمن زائد على المسلمين؟»، فطلبه الأكابر مثل القاضى أبى البقاء وأخيه المقر الزينى بركات وغيرهما ونهوه عن ذلك، فقال عن المحتسب إنه ضربه بقبقاب «ووعدنى بالطرد والإشهار ولى عنده حق، وما أخلص منه إلا بالسلطان بحضرة الخاص والعام»؛ هذا كله ورئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى كاتب السر حفظه الله تعالى لم يلتفت إليه، وأما ولده فما ساعه إلا السكوت حتى لا يصير خصمه مثل هذا الفاجر المارق الفاسق السفلة، بل صار غلمانهم ومن حضر المجلس يعظونه وجاسوا عليه، مع أننى بلغنى ممن كان حاضرا أن المقر الزينى ابن مزهر أساء على الغلمان لما رآهم يتخاصمون معه - فحفظه الله -. وكثرة الحلم مع الخصم الجاهل الأحمق ماهى محمودة، وإن كانت بعد ذلك تفضى به إلى القتل كما قيل «قتله حلم معاوية»، ولما رأيته لم يساعد ولده على خصمه أنشدت قائلا ومتمثلا البيت المشهور:

إذا كان هذا فعله فى محبه … فيالت شعرى فى العدى كيف يصنع

وآخر هذه القضية أخرجوا ابن الشقيرة من الحوش وهو يشكى ويتظلم والسلطان جالس على الدكة على تفرقة الجامكية حتى وصل (٢) إلى باب الستارة،


(١) فى الأصل «ورجعوه».
(٢) أى ابن الشقيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>