للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمشق بعد عزله ومصادرته وضربه وحبسه بطبقة الخازندار بقلعة الجبل، والتزم بمائة (١) ألف دينار فوزن بعض ذلك، وسافر معه السيفى جانبك الخاصكى مرسما عليه حتى يغلق (٢) ما التزم به.

وفى يوم الأربعاء خامس عشره ركب السلطان بغير قماش الخدمة، وفى خدمته غالب أمرائه وخاصكيته، وتوجه لجهة طرى والعدوية سائقا سوقا عنيفا، بحيث أن ساق منها إلى قارب القمازة من بلاد قبلى وهو يسوق الفرس الذى تحته، بحيث أنه لم يلحقه من أمرائه وخاصكيته إلا من كان راكبا للخيول الجياد، ولم ينزل عن فرسه فى ذهابه وإيابه إلى أن عاد وطلع القلعة قريب العصر، ولم يجتمع به غالب أمرائه لشدة سوقه فى الذهاب والإياب، ولما وصل إلى القلعة أمر فنودى بشوارع القاهرة: «من له جامكية فى بيت السلطان يصعد من الغد ليقبضها»، ورسم أيضا لقضاة القضاة أن يطلعوا من الغد لعقد مجلس بسبب كثرة جوامك المماليك السلطانية وغيرهم.

فلما أصبح يوم الخميس سادس عشره طلع (٣) قضاة القضاة ونوابهم وعدة من مشايخ العلماء. وكنت حاضرا المجلس مع قاضى الحنفية، وكل ذلك بالحوش السلطانى بقلعة الجبل. وجلس السلطان مع القضاة على العادة تحت الدكة، والأمراء والمباشرون واقفون فى مواضعهم، فتكلم مولانا السلطان - نصره الله - مع القضاة والقاضى كاتب السر كلاما طويلا، وهو المتكلم والمشار إليه حفظه الله، وأخذ السلطان نصره الله يقول كلاما معناه أن الجامكية على المماليك السلطانية كانت فى أيام الملك المؤيد شيخ أحد عشر ألف دينار كل شهر، ثم صارت فى دولة الملك الأشرف برسباى ثمانية عشرة ألف، ثم زادت فى أيام الملك الظاهر جقمق حتى صارت إلى ثمانية وعشرين ألف دينار فى كل شهر،


(١) راجع ما سبق ص ٢٢، ٢٣، ٢٧.
(٢) يغلق هنا بمعنى يسدد.
(٣) فى الأصل «طلعوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>