للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المكوس فزادها (١) الوزراء أمثال ما كانت حتى كانوا يفعلون (٢) ذلك فى المواريث الحشرية، فإن الوزير محمد البباوى اللحام فى وزارته صار يطلب الناس الذين صالحوا الوزير الذى قبله وأخذوا وصولا، ومع ذلك يأخذ منهم المال الجزيل بغير طريق شرعى من عشرين سنة وأكثر، ويتكلم بكلام لا يجوز شرعا ولا عرفا ولا عادة ولا مادة ولا طبعا ولا مروءة، وهذا مشهور من الخلائق. ولو كان الأمر على النظام الأول كان كل من الوزراء والأستادارية لا يتعدى طوره وينظر فى مصالح تعلقاته وعمارة بلاده، والسلطان - نصره الله - ما يظن أن من ولاه من الوزراء والأستادارية والكشاف ومشايخ العربان يصلون إلى هذا الحد الفظيع بل يعمرون البلاد ويرفقون بفلاحى (٣) القرى ويدفعون عنهم المعتدين الخارجين عن الطاعة، كما كان ذلك فى أيام الملوك السالفة. قديما وحديثا.

ولما فرغ السلطان - نصره الله - من قطع غالب أولاد الناس، وسلك معهم طريقة الملك المؤيد شيخ والأشرف برسباى ومن كان قبلهم من الملوك شق ذلك على كل من له مرتب وقطع، وكان زائدا عن العادة، لأنهم كان فيهم من وصلت جامكيته إلى ثلاثة آلاف وأربعة آلاف وأكثر إلى عشرة آلاف درهم، ومن له ثلاث زبادى لحم إلى عشرين زبدية فى كل يوم، ومن له فى العليق ثلاث علائق إلى عشر علائق، ولم يلتفت السلطان إلى ذلك، وفعل ما رامه وقصده بجنان ثابت وعزم صادق وحزم حاذق وإقدام وقوة وعدم مراعاة إلا فى النادر، ولم يقبل شفاعة شافع إلا ما رأى فيه خطأ ومصلحة، وذلك بإشارة عظيم الدنيا ومدبر المملكة


(١) فى الأصل «فزادوها».
(٢) فى الأصل «حتى يفعلوا» وقد صحح المتن لاستقامة المعنى والعبارة.
(٣) فى الأصل «بفلاحين».

<<  <  ج: ص:  >  >>