للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه القبة (١) والطير الأمير برقوق أحد المقدمين الألوف، ولبس السلطان فوقانيا أبيض (٢) بعلبكيا بطراز أسود، وتقلد بسيف مسقط بالذهب، وركب فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش، ورقبة الفرس عليها الزركش على العادة، وحملت الغواشى (٣) بين يديه وركب معه قضاة القضاة الأربعة ونوابهم وكنت صحبتهم، وسار فى هذا الموكب العظيم الضخم حتى دخل من باب النصر ففرشت له الشقق الحرير تحت رجل فرسه ونثر على رأسه الذهب والفضة، وكان لدخوله يوم (٤) مشهود وقال الجمال يوسف بن تغرى بردى فى تاريخه «وكان الدعاء له قليلا، وإنما غالب ازدحام الناس للفرجة». قلت:

أنا شاهدت الركبة وركبت فيها مع نواب قاضى الحنفية المحب ابن الشحنة ورأيت العالم يبتهلون ويدعون للسلطان بدوام البقاء والعلو والارتقاء، ووافق أن قاض حسن بك بن على بك بن قرايلك وصل إلى الريدانية، فبلغ السلطان ذلك فأمر أن يتوجه به إلى مدرسة الأشرفية برسباى التى بخط العنبرانبين ليجلس بها وينظر موكب السلطان ليخبر به أستاذه وعسكره ففعلوا به ذلك، وحين صعود السلطان إلى القلعة وجلوسه على الدكة بالحوش السلطانى وافاه قاصد حسن المذكور فقبل الأرض بين يديه وأخرج رأس بوسعيد المقدم ذكره فرآها السلطان فأمر بمواراتها التراب إجلالا لأبى سعيد وكونه من ملوك الإسلام العظماء ومن ذرية ملوكها. وكان كتاب حسن بك بن قرايلك مكتوبا


(١) يقصد بذلك المظلة التى عرفت بمصطلح ذلك العصر بالجتر وهى قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب وبأعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب، وتحمل على رأس السلطان فى العيدين، راجع القلقشندى: صبح الأعشى ٤/ ٧ - ٨.
(٢) فى الأصل «أبيضا».
(٣) جمع غاشية وهى سرج من أديم مخروزة بالذهب حتى يظن أنها كلها من الذهب وهى تحمل بين يدى السلطان عند ركوبه فى المواكب ويحملها الركاب دارية رافعا إياها على يديه يلفها يمينا وشمالا، راجع القلقشندى فى: صبح الأعشى ٤/ ٧.
(٤) فى الأصل «يوما مشهودا».

<<  <  ج: ص:  >  >>