للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعبد إذا قصر في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه، وكلما زاد الإيمان زادت الطاعات، فاستأنس العبد بربه، واستوحش من غيره، وكلما نقص الإيمان قلت الطاعات، وزادت المعاصي، وانشغل الإنسان بالشهوات عن أوامر الله عزَّ وجلَّ.

وإذا قامت الحياة على أساس الأموال والأشياء، لا على أساس الإيمان والتقوى، سلط الله على الأمة أربعة أشياء:

قحط الدهر .. وخيانة الحكام .. وظلم الملوك .. وخوف الأعداء، فالأشياء موجودة لكن الحوائج لا تكمل، والأموال موجودة لكن القلوب غير مطمئنة: {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣)} [النحل: ٣٣].

ومن سنة الله عزَّ وجلَّ أن كل من أعرض عن شيء من الحق وقع في باطل، مقابل ما أعرض عنه من الحق.

فمن رغب عن العمل لله وحده ابتلاه الله بالعمل لوجوه الخلق، فما أخسره حين رغب عن العمل لمن ضره ونفعه، وحياته وموته، وسعادته وشقاوته بيده، إلى العمل لمن لا يملك من ذلك شيئاً.

ومن رغب عن إنفاق ماله في طاعة الله ابتلي بإنفاقه لغير الله وهو راغم.

ومن رغب عن التعب لله ابتلي بالتعب لخدمة أدنى الخلق.

ومن رغب عن الهدى بالوحي ابتلي بكناسة الآراء، وزبالة الأذهان.

والعقوبات نوعان:

خاصة: كما عاقب الله قارون وحده، فخسف به وبداره الأرض.

وعامة: كما دمر الله فرعون وقومه؛ لأن فرعون ادعى أنه رب وإله، واستخف قومه فأطاعوه واتبعوه، فدمر الله الجميع، وأغرقهم في البحر كما قال سبحانه: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)} [الزخرف: ٥٥].

وكذا كل من عاند الرسل وكذبهم من الأمم كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقريش عاقبهم الله بذنوبهم: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>