للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

س: ما معنى هذا الدعاء: وهب المسيئين منا للمحسنين؟ (١)

ج: معناه الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعفو عن المسيئين من المسلمين بأسباب المحسنين منهم، ولا حرج في ذلك؛ لأن صحبة الأخيار ومجالستهم من أسباب العفو عن المسيء، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مثل الجليس الصالح كحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة» (٢) ولكن لا يجوز للمسلم أن يعتمد على مثل هذه الأمور لتكفير سيئاته، بل يجب عليه أن يلزم التوبة دائماً من سائر الذنوب، وأن يحاسب نفسه ويجاهدها في الله، حتى يؤدي ما أوجب الله عليه ويحذر ما حرم الله عليه، ويرجو مع ذلك من الله سبحانه العفو والغفران، وأن لا يكله إلى نفسه ولا إلى عمله، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سددوا وقاربوا وأبشروا واعلموا أنه لن يدخل الجنة أحدٌ منكم بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» (٣) وبالله التوفيق.


(١) ج ٢٦ ص ١٣٤
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الذبح والصيد، باب المسك برقم ٥٥٤٣ ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين برقم ٢٦٢٨.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، برقم ٦٤٦٧ ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله برقم ٢٨١٨.

<<  <   >  >>