للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمر -رضي الله عنه- وما جعلوا له مأتماً، ولا جمعوا الناس ليقرءوا القرآن، وقتل عثمان بعد ذلك، وعلي -رضي الله عنهما-، فما فعل الصحابة -رضي الله عنهم- لهما شيئا من ذلك، وإنما السنة أن يصنع الطعام لأهل الميت من أقاربهم أو جيرانهم فيبعث إليهم، مثلما فعل النبي- صلى الله عليه وسلم- حينما جاءه نعي جعفر فقال لأهله: «اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم» (١) أخرجه الخمسة إلا النسائي، هذا هو المشروع، أما أن يحملوا بلاء مع بلائهم، ويكلفوا ليضعوا طعاماً للناس فهو خلاف السنة، وهو بدعة؛ لما ذكرنا آنفا، ولقول جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) (٢) أخرجه الإمام أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح. والنياحة هي: رفع الصوت بالبكاء وهي محرمة، والميت يعذب في قبره بما يناح عليه، كما صحت به السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيجب الحذر من ذلك. أما البكاء فلا بأس به إذا كان بدمع العين فقط بدون نياحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم: «إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» (٣).


(١) رواه الإمام أحمد في (مسند أهل البيت) برقم (١٧٥٤)، والترمذي في (الجنائز) برقم (٩٩٨)، وأبو داود في (الجنائز) برقم (٣١٣٢) وابن ماجة في (الجنائز) برقم (١٦١٠).
(٢) رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) برقم (٦٨٦٦)، وابن ماجة في (ما جاء في
الجنائز) برقم (١٦١٢).
(٣) رواه البخاري في (الجنائز) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «إنا بك لمحزونون» برقم (١٣١٠) واللفظ له، ومسلم في (الفضائل) باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال برقم (٢٣١٥).

<<  <   >  >>