للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أم لا، لأنه حريص على دوام المودة والرحمة بينهما، كما أنه حريص على تفويت الفرصة على الشيطان الذي يحرش بينهما ليتفرقا.

ومن باب "الدين النصيحة" نذكر الآن حق المرأة على الرجل، ثم نذكر بعد ذلك حق الرجل على المرأة، لعل الأزواج يتعظون فيتواصون بالحق ويتواصون بالصبر.

"إن لنسائكم عليكم حقا" وأوّل ذلك: أن يعاشر الرجلُ المرأة بالمعروف، لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (١)، وذلك بأن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ويؤدّبها إذا خاف نشوزها بما أمر الله أن يؤدب به النساء، بأن يعظها موعظة حسنة من غير سبّ ولا شتم ولا تقبيح، فإن أطاعت وإلا هجرها في الفراش، فإن أطاعت وإلا ضربها في غير الوجه ضربًا غير مبرّح، لقوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (٢) ولقوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ فقال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبّح ولا تهجر إلا في البيت" (٣).

إن من مظاهر اكتمال الخلق ونمو الإيمان أن يكون المرء رفيقا رقيقًا مع أهله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أكتمال المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقا، وخياركم خياركم لنسائهم" (٤)

فإكرام المرأة دليل الشخصية المتكاملة، وإهانتها علامة على الخسة واللؤم. ومن إكرامها التلطف معها ومداعبتها، اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقد كان يتلطف مع عائشة ويسابقها، حتى قالت "سابقنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبقته، فلبثنا حتى إذا


(١) النساء: ١٩.
(٢) النساء: ٣٤.
(٣) صحيح: [ص. جه ١٥٠٠]، د (٢١٢٨/ ١٨٠/٦)، جه (١٨٥٠/ ٥٩٣/١).
(٤) حسن صحيح: [ص. ت ٩٢٨]، ت (١١٧٢/ ٣١٥/ ٢).

<<  <   >  >>