للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما عليه، وأن يغض الطرف عما يحدث من تقصير في حقوقه أحيانا.

[حق المرأة على الرجل]

يقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (١) فما يوجد من المودة والرحمة بين الزوجين لا يكاد يوجد بين اثنين. والله سبحانه يحب للأزواج دوام المودة والرحمة، ولذا شرع لهم من الحقوق ما يحفظ أداؤه المودة والرحمة من النفاد أو الضياع، فقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢) وهذه الكلمة على إيجازها جمعت مالًا يؤدى بالتفصيل إلا في سفر كبير، فهي قاعدة كليّة ناطقة بأن المرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق، إلا أمرأَ واحدًا عبّر الله تعالى عنه بقوله {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (٢) وقد أحال في معرفة ما لهنّ وما عليهن على المعروف بين الناس ومعاشراتهم ومعاملاتهم في أهليهم، وما يجرى عليه عرف الناس هو تابع لشرائعهم وعقائدهم وآدابهم وعاداتهم. فهذه الجملة تعطى الرجل ميزانا يزن به معاملته لزوجه في جميع الشؤون والأحوال، فإذا همّ بمطالبتها بأمر من الأمور تذكّر أنه يجب عليه مثله بإزائه. ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنى لأتزيّن لامرأتى كما تتزين لي (٣).

فالمسلم الحق يعترف بما لزوجته عليه من الحقوق، كما قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا" (٤).

والمسلم الواعى يحاول دائما أن يؤدى لزوجه حقها غير ناظر في حقه استوفاه


(١) الروم: ٢١.
(٢) البقرة: ٢٢٨.
(٣) ابن جرير (٤٥٣/ ٢).
(٤) حسن: [ص. جه ١٥٠١]، ت (١١٧٣/ ٣١٥/٢)، جه (١٨٥١/ ٥٩٤/١)

<<  <   >  >>