للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الطلاق]

رأيت فيما سبق حرص الإِسلام على الأسرة المسلمة وسلامتها، واستقرار الحياة فيها، ورأيت طرق العلاج التي شرعها لمعالجة الخلاف الذي ينشأ في الأسرة المسلمة سواء كان سببه أحد الزوجين أو كليهما.

إلا أنه قد لا ينفع هذا العلاج أحيانًا لاستفحال الخلاف وشدة الخصومة، وحينئذ فلا بدّ من استخدام علاج أقوى وهو الطلاق.

والمتأمل في أحكام الطلاق يتأكد له مدى حرص الإِسلام على مؤسسة البيت، ورغبته في بقاء الشركة بين الزوجين، ذلك أن الإِسلام حين أباح الطلاق لم يجعله مرة واحدة، بحيث تنقطع هذه العلاقة بين الزوجين فلا تتصل أبدا إذا طلق الرجل المرأة، وإنما أباح الطلاق، وأمر أن يكون على مرات:

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (١).

وإذا طلق الرجل المرة الأولى أو الثانية فليس من حقه إخراج مطلقته من بيته حتى تنقضي عدتها، بل وليس لها الخروج، والعلة في ذلك الطمع في ذهاب الغضب الذي أوجد الطلاق، ثم الحث على عودة الأمور إلى ما كانت عليه، وهذا ما ذكره ربنا في قوله:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (٢). أي: لعل الزوج يندم على طلاقها، ويخلق الله تعالى في قلبه رجعتها، فيكون ذلك أيسر وأسهل.


(١) البقرة: ٢٢٩.
(٢) الطلاق: ١.

<<  <   >  >>