صدره إلا على الشيطان وأغويائه، ولا يضمر إلا ما يزوره من أسباب مودة لإخوانه، أو كزوزة ألم على من يريد بهم شرًا، أو فرح يغمر جوانحه لخير يدركهم، ثم هو من بعد هذا ومن قبله لا يجد في إساءة أحدهم، إلا ما يجد الوالد في نفسه من إساءة، لا تعز على عفوه عمن أساءه في أبنائه.
* لقد أنالك الله بحسن إصغائك واستجابتك للنصح ما حسدك عليه الخصوم والأعداء، وغبطك عليه المحبون والأصدقاء، ووهبك من نعمائه ما أنت له أهل، وجعل منك سبيلا باذلًا للمعروف لمن هو له أهل ولمن ليس له أهل، فإن أصبت أهله فهو أهله وإن لم تصب أهله فأنت أهله وكفى!! وليس لك من الأمر شيء.
وهذا هو شعارى يا ولدنا منذ كنت، ما بخلت على من ظننت فيه خيرًا يومًا بمعروف ولا كنت ضنينًا على من أجهل حاله ساعة بإحسان، ولا تحريت عن حال من يأتينى سائلًا غويًا.
* ولا أحسب إلا أن الله -سبحانه- قد منَّ عليك بقلم سطرت به علمًا في كتابك هذا النفيس الوجيز، وبلسان أبليت فيه أعوامًا بالدعوة إلى الكتاب العزيز، وُبخُلق رفيع لم يدع عذرًا لعائذ بإيهام أو بتعجيز، وهذا هو جماع أمر الداعية إلى الله على بصيرة إن أخطأه القلم أوفى منه إلى بيان اللسان، وإلا فإن له من خلقه، ما يدعو الناس على بينة بأسوة، يراه الناس بها في أنفسهم حلت منها منزلة. لا تكون إلا لمن كان على مثل ما هو عليه، ولعمر الحق، إن هذا في الدعاة اليوم لعزيز.
وإذا كنت يا عبد العظيم واحدًا من أولئك النفر القليل - الذين أوفوا على الأمر الشديد فصبروا عليه وأماطوا الأذى عن الطريق حتي أناخهم الصبر عليه وقعدوا عن الشر فأدميت أعقابهم عليه - فإن "وجيزك" كان عزاء لمثلى في شدة، وبسمة وضيئة في كربة وومضة رجاء في ظلمة، إذ وجدت ممن كان منه لي