العارض بنجد سنة ١١٠٦ ست ومائة وألف، وربي بحجر والده تقدمت ترجمته ثم انتقل للبصرة لإتمام دروسه، فبرع في علوم الدين واللسان، وفاق الأقران واشتهر هناك بالتقوى، وصدق التدين.
عقيدته السنة الخالصة على مذهب السلف المتمسكين بمحض القرآن والسنة لا يخوض التأويل والفلسفة، ولا يدخلهما في عقيدته.
وفي الفروع مذهبه حنبلي غير جامد على تقليد الإمام أحمد ولا من دونه، بل إذا وجد دليلا أخذ به، وترك أقوال المذهب، فهو مستقل الفكر في العقيدة والفروع معا.
وكان قوي الحال ذا نفوذ شخصي، وتأثير نفسي على أتباعه، يتفانون في امتثال أوامره غير هياب ولا وجل، لذلك كان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وهو منفرد عن عشيرته في البصرة، فتآمروا على قتله، ففر إلى العيينة، واجتذب قلوب قبيلته بالوعظ والإنذار والحجة ووضوح المحجة، فالتفوا عليه وقوي حزبه، وأصبح من الزعماء، لكن لم يخل من أضداد كما هو الشأن، فنسبوا إليه قتل امرأة ظلما، فنفاه أمير الحسا إلى الدرعية، وكان بها أتباع أيضا لشيوع مذهبه، فقبله أميرها محمد بن سعود، وأمره بنشر مبادئه التي أسسها الإمام أحمد بن تيمية الحراني -وقد سلف لنا بيان شيء من ذلك في ترجمته- وأصهر إلى الأمير ابن سعود بابنته، وهي أم الأمير عبد العزيز بن سعود الذي ظهر بمظهر الناشر لمذهبه، الناصر لفكره وهو نبذ التعلق بالقبور، وعدم نسبة التأثير في الكون للمقبور، بل منع التوسل بالمخلوق، وهدم الأضرحة التي تشييدها سبب هذه الفكرة، وقد فصلت ذلك في رسالة بيان مذهب الوهابية وفي كتابي "برهان الحق".
وأعظم خلاف بينهم وبين أهل السنة هو مسألة التوصل وتكفيرهم من يتوسل بالمخلوق، فالخلاف في الحقيقة ليس في الأصول التي ينبني عليها التكفير أو التبديع، وإنما هو في أمور ثانوية، وأهمه هذه. ومن جملة مباديهم التمسك