للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسم الدين على غير خلاف ديني، وإنما هو سياسي، وقد جردت تركيا له الكتائب، فكسرها، واستولى على الحرمين الشريفين وغيرهما من الأقطار الحجازية، فاستنجدت بأمير مصر محمد علي باشا، فجهز جيشا عرمرما تحت إمرة ولده إبراهيم، فطردهم من الحرمين الشريفين، وأسر الأمير ابن سعود، وحصرهم ضمن بعض نجدهم، وتتبع ذلك في تواريخ الشرق، وعاد اليوم لهم ظهور وانتشار، ووقع التفاهم بين علماء الإسلام وزالت غشاوة كل الأوهام، وعلم كل فريق ما هو حق، وما حاد فيه عن الطريق، وكادت أن لا تبقى نفرة ما بين علماء نجد وبقية علماء الآفاق لا سيما بوجود السلطان عبد العزيز آل سعود سلطان نجد والحجاز والحرمين وملحقاتها الحالي الذي ظهرت منه كفاءة تامة، ونصرة للسنة بعد العهد بها من لدن أهل الصدر الأول، واعتدال في الأفكار، ونشر للأمن، ووحدة الإسلام، والغيرة العربية، والعدل في الأحكام، فهو من أفذاذ ملوك الإسلام العظام ذوي السياسة الإسلامية القويمة، والكعب المعلى في الصرامة والحزم والشدة في الرفق والعزم قبل الضيق، والسير على سنن السلف بما شهد له المحب والعدو أكثر الله في الإسلام أمثاله وأطال عمره، وأطال يده على أعدائه، وزاده تأييدا وتسديدا وثباتا في مبدئه القديم المعتدل، وبلغه مناه حتى نرى الحرمين الشريفين والحجاز أرقى بلاد الشام. توفي محمد بن عبد الوهاب سنة ١٢٠٦ ست ومائتين وألف.

ولنقف عند هذا الحد من تراجم السادة الحنابلة، وذلك جهد المقل القاصر، وهو ما وقفت عليه مفرقا في تراجم المحدثين والحفاظ، وبعض كتب التراجم الشرقية كـ"سلك الدرر" ولم أقف لهم على طبقات مستقلة أستقي منها ما يروي الظمأ. وإني أقدم إليهم اعتذاري ولا سيما علماء نجد الأماثل وغيرهم، فإن فيهم فطاحل أود لو تزين كتابي هذا بنخبة من أعيانهم، آسفا جد الأسف على فقد الصلات العلمية بين الأقطار الإسلامية١.


١ أورد المؤلف ترجمته في نهاية هذا المختصر، وقد قمنا برسمها في أول الكتاب من زبر قلمه، فلا حاجة للإعادة "المحقق".

<<  <  ج: ص:  >  >>