لاستفاد، وأفاد أهله. ومن هو مسئول عن تعليمهم فهذا سبب نقصان العلم في أزماننا، وغلبة الأمية على رجالنا ونسائنا، وحصول التأخر في سائر علومنا حتى النحو وغيره من العلوم العربية مع أن النحو ضروري لارتقاء أمتنا الأدبي. إذ لا سبيل لأن نصير أمة معدودة من الأمم الحية إلا بتعميم القراءة والكتابة بين الحواضر والبوادي، وتعميم التعليم الابتدائي حتى يصير جل أفرادها رجالا ونساء يقرءون ويكتبون باللسان العربي الفصيح، بحيث يعرفون مطالعة الكتب البسيطة السهلة يستفيدون منها دينهم ودنياهم، ومطالعة الجرائد، وأخبار ما يقع في العالم. ليستوي الناس في إدراك ما لهم وما عليهم، ويتساوي السوقي والعالم، والوزير والصانع في معرفة ما هو الضار للهيئة الاجتماعية، وما هو نافع لها ليحسوا جميعا بالألم، ويعرفوا موضعه، ويتطلبوا أدواءه، فينهضوا بأجمعهم لنفعهم ودفع ضرهم ويفهموا ما يلقى إليهم من الخطاب، وما هي عليه حياة غيرهم من الأمم ليجاورها في معترك الحياة.
وهذا القدر لا نتوصل إليه إلا بتأليف كتب نحوية في غاية البساطة والسهولة تعليمية لأبناء المدارس الابتدائية وأن يكون اهتمامنا بأولادنا، وأول ما يمرنون عليه الكتابة والقراءة باللغة العربية الأصلية، وتثقيف أذهانهم بالآداب والتهذيب الديني الصحيح الخالي من كل وهم وخيال، وبث العقائد الصحيحة فيهم والضروري من الفقه.
ولا سبيل لذلك إلا بوضع كتب على نسق كتب المتقدمين يمكن للصغار فهمها بحيث لا يصل التلميذ إلى العاشرة من عمره إلا وهو عارف بالعقائد والضروري من الذين، ولا يصل الثانية عشرة حتى يحصل على القدرة على فهم الكتب السهلة ومطالعتها على الأقل ويحصل على القدرة على الإبانة عما في ضميره بقلمه ولسانه، وفهم ظواهر الكتاب والسنة، وكتب الشريعة السهلة التي هو متدين بها، وداء الأمية هو الذي أمرض العالم الإسلامي وحده، وبقدر ضعفه يقوى الإسلام ولو بعد حين، وهو قديم في الأمة، وسببه علماء النحو.
أوصى الجاحظ إمام الأدب بعض أحبابه، فقال له: علم ولدك من النحو ما