مختصر مختصر المختصر بتكرر الإضافة ثلاث مرات، وإن أخل بالفصاحة، وكاد جل عبارته أن يكون لغزا، وفكرتهم هذه مبنية على مقصدين وهما تقليل الألفاظ تيسيرا على الحفظ، وجمع ما هو في كتب المذهب من الفروع، ليكون أجمع للمسائل، وكل منهما مقصد حسن لولا حصول المبالغة في الاختصار التي نشأت عنها أضرار.
فمنها أن اللغة لنا فيها مترادفات متفاوتة المعنى، وفيها المشترك والتراكيب ذات الوجهين، والوجوه مع حدوث لغة ثانية وهي مصطلحات شرعية، وعربية، فأصبحت الجملة الواحدة تحتمل احتمالات، فلما اختصروا أحالوا أشياء عما قصد بها، وتغيرت مسائل عن موضعها، وتقدم لنا ما انتقده عبد الحق الإشبيلي على مختصر البراذعي ثم ما انتقده شراح ابن الحاجب، وشراح خليل، بل حتى الشراح اختصر بعضهم بعضا، فوقع لهم ذلك الغلط. وكم في شروح التتائي والأجهوري والزرقاني والخرشي من ذلك حتى التجأ المغاربة لإصلاح أغلاطهم، ولذلك ألف مصطفى الرماصي وبناني والتاودي، وابن سودة، والرهوني حواشيهم لهذا الغرض.
وقد التزم ابن عاشر الفاسي نقل عبارة المتقدمين بلفظها في شرحه، وكذا المواق يشرح بنقل عبارتهم فقط، فحصل الطول وضاع الفقه الحقيقي، كما ضاع جل وقت الدرس والمطالعة في حل المقفل وبيان المجمل.
قال الإمام أبو عبد الله المقري: لقد استباح الناس النقل عن المختصرات الغربية، ونسبوا ظواهر ما فيها لأمهاتها وقد نبه عبد الحق في التعقيب على منع ذلك، وقد ذيلت تعقيبه بمثل مسائله، وانقطعت سلسلة الاتصال، فكثر التصحيف، وصارت الفتاوى تنقل عن كتب لا يدري ما زيد فيها مما نقص منها لعدم تصحيحها، وكان أهل المائة السابعة لا يسوغون الفتوى من تبصرة اللخمي لعدم تصحيحها على مؤلفها.
والآن كثر ما يعتمد هذا النمط ثم انضاف إلى ذلك عدم اعتبار الناقلين،