"نور البصر": وأن يكون من الأئمة المقتدى بهم في الترجيح. ا. هـ. وهو مجتهد الفتوى يعني بحيث يتبين له رجحان القول الذي عمل به بأدلته التي منها المرجحات المذكورة، وإلا فالعمل لا يعتمد إلا إذا جرى بقول راجح، أو من قاض مجتهد الفتوى بين وجه ترجيح ما عمل به؛ لأن المجتهد هو الذي يقدر على تمييز ما هو مصلحة وما هو مفسدة، أو ذريعة إليها ويميز ما هو في رتبة الضرورات أو الحاجبات، وما هو في رتبة التحسينات فما ألجأت إليه المحافظة على النفس أو الدين أو النسل أو المال أو العرض أو العقل.
فهو في رتبة الضروريات، ويلحق بهذا ما كان في رتبة الحاجيات فقد نص المواق في شرح خليل أول الإجازة: أن المذهب المالكي مبني على اعتبار الحاجيات، وإلحاقها بالضروريات، أما ما كان في رتبة التحسينات، فلا يعتبر مرخصا في الخروج عن المشهور، وعلى كل حال لا يقدر على نقد مثل هذا إلا من بلغ رتبة الاجتهاد المذهبي، أما من لم يبلغها، ليس له رخصة في أن يترك المشهور إلى الشاذ في الفتوى والحكم أصلا، فالباب دونه مسدود وقد أنهى الهلالي في شرح المختصر شروط خروج القاضي عن المشهور إلى الضعيف إلى خمسة. فانظر فيه بقيتها.
وقد ذكر الشيخ خليل في مختصر بعض المسائل نصل فيها على العمل كقوله في آخر باب القضاء: وهل يدعى حيث المدعى عليه وبه عمل إلخ فجاء ابن عاصم الغرناطي، ونص يدعى حيث على مسائل من ذلك أيضا في تحفته ثم جاء بعده علي بن قاسم الزقاق، ونص في لاميته على نحو العشرين مسألة منها ثم جاء أبو العباس أحمد بن القاضي الفاسي مؤلف "الجذوة" و"درة الحجال" و"المنتقى" وغيرها المتوفى سنة ١٠٢٥، خمس وعشرين وألف فألف كتاب "نيل الأمل فيما به بين الأئمة جرى العمل" وتلاه سيدي العربي الفاسي المتوفى سنة ١٠٥٢، فألف تأليفا فيما جرى به العمل من شهادة اللفيف خاصة، وهي مسألة لا تنطبق إلا على أصول الحنفية الذين يعتبرون المسلمين كلهم عدولا، ويقبلون شهادة مجهول الحال لا مجهول العين، فلا تقبل بإجماع، ولا تنطبق