للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يا عائشة حوليه، فإني إذا رأيته ذكرت الدنيا" وكانت لنا قطيفة، يلبسها تقول علمها حرير١، فهذا دليل ترخصنا من السنة ومن النظر لما يدعو إليه الحال من ضرورة العصر، فإن التصوير الشمسي، صار ضروريا في الأمور التعليمية بالمدارس، والسياسة والحربية والتاريخية، ومنعه منع للأمة من رقي عظيم، والوقت الحاضر لا يقبله بحال، ولم يكن في الزمن النبوي، فليقلد القول الذي يقول بإباحته بناء على أن الأصل في الأشياء عدم المنع، ولأجل الحاجة أيضا.

فقال لي: فما تقولون في الصور المجسمة ذات الظل؟ فإن الأمم المتمدنة يعيبون علينا منعها، وهي تذكار عظماء الرجال فقلت له: يا سيدي قد نهى الشرع عنها نهيا صريحا، وحكى ابن العربي المالكي الإجماع على المنع، ولا ضرورة تلجئنا إليها، نعم ما كان منها داخلا في باب التعليم، فقد يرخص فيه قياسا على ما وردت الرخصة فيه من الصور التي تلعب بها البنات٢ لتعلم التربية فقفوا رعاكم الله بنا عند حد الضرورة، ولا تحيوا سنن الوثنية بنصب الهياكل في الميادين العمومية، ولا ضرورة تدعو لذلك أما التنويه بعظماء الرجال، فأعظم تنويه بهم أن نبني مدرسة باسمهم مثلا.


١ هو في المسند "٦/ ٤٩" "٣٥"، وسنده صحيح.
٢ أخرج البخاري "٤/ ١٧٥" بشرح الفتح، ومسلم "١١٣٦" من حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة "من كان أصبح صائما فليتم صومه، من كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه" فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوم صبياننا الصغار منهم، نضع لهم اللعبة من العهن، فنذهب به معنا، فإذا سألونا الطعام، أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم، وأخرج البخاري "١٠/ ٤٣٧" في الأدب: باب الانبساط إلى الناس عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب البنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن "يتغيبن" منه، فيسربهن، "يرسلهن" إلي فيلعبن معي، وأخرجه مسلم "٤٤٠". وأخرج أبو داود "٤٩٣٢"، بسند حسن، والنسائي في عشرة النساء "٧٥/ ١" بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسا له جنحان من رقاع، فقال: "ما هذا الذي وسطهن؟ "، قالت: فرس، قال: "وما هذا الذي عليه؟ " قالت: جناحان، قال: " فرس له جناحان"، قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>