وأمثال هذه الكتب في سائر المذاهب هي التي تحصل ملكه الفتوى، وتوسع فكر المفتي، وترشده، وتقية مواقع الزلل.
كذلك على المفتي الإكثار من مطالعة كتب الفتاوى والنوازل الواقعة، ليعرف منها كيفية تطبيق الأحكام الكلية على القضايا الجزئية؛ لأن المفتي والقاضي أخص من الفقيه، إن الفقيه كعالم بكبرى القياس من الشكل الأول، والمفتي والقاضي كل منهما عالم بها، وعارف بصغراه وهذا أشق، وفقه القضاء والفتوى محتاج إلى أعمال النظر في الصور الجزئية، وإدراك ما اشتملت عليه من الأوصاف الكائنة فيها، فيلغي ما كان من الأوصاف طرديا، ويعتمد على ما له تأثير في العلة التي شرع الحكم لأجلها، أشار لهذا ابن عرفة، وأصله لشيخه ابن عبد السلام، وفي أحكام ابن العربي عن مالك لا يكون الرجل عالما مفتيا حتى يحكم الفرائض في الدين، وعموم وقوعها بين المسلمين. ا. هـ.
والمراد إتقان ذلك وإحكامه، وإلا فالمفتي لا يجوز أن ينتصب للفتوى إلا وله معرفة بأبواب الفقه كلها.
وذكر الحافظ ابن بطة عن الإمام أحمد قال: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتوى حتى يكون فيه خمس خصال:
أولاها: النية ليكون على كلامه نور.
الثانية: أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة.
الثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه، وعلى معرفته.
الرابعة: الكفاية وإلا مضغة الناس.
الخامسة: معرفة الناس وإلا راج عليه المكر والخداع والاحتيال.
ومن آداب المفتي أن يتثبت، ولا يتسرع للجواب، فقد سئل مالك عن مسألة، فقال: لا أدري، فقيل له: إنها مسألة سهلة، فغضب، وقال: ليس في