للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم خفيف، أما سمعت قول الله: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} ١ وقال: لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه، وما أفتيت حتى سألت ربيعة ويحيى بن سعيد، فأمراني، ولو نهيهاني، لانتهيت، وقال: من سأل عن مسألة ينبغي له أن يعرض نفسه على الجنة والنار، وكيف يكون خلاصة في الآخرة، ثم يجيب فيها، وقال: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك.

وهكذا ينبغي لمن انتصب لهذا المنصب الخطير، ولا يجوز للمفتي أن يفتي بضد لفظ حديث أو آية مثل أن يسأل عمن صلى ركعة من الصبح، ثم طلعت الشمس هل يتم صلاته؟ فيقول لا، والنبي صلى الله عليه سلم يقول: "فليتمها" ٢ ومثل أن يسأل عمن مات وعليه صوم هل يصوم عنه وليه؟ فيقول: لا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "صام عنه وليه" ٣ وانظر في إعلام الموقعين أمثلة كثيرة من هذا النمط.

ولا يجوز للمفتي أن يتبع في فتواه غرضه ومشتهاه، أو يحابي بدين الله.


١ سورة المزمل: ٥.
٢ أخرجه البخاري "٢/ ٣٣" بشرح الفتح، ومسلم "٦٠٨" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أدرك أحدكم سجدة صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس، فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس، فليتم صلاته".
وبهذا يقول الشافعي وأحمد وإسحاق، وخالف أبو حنيفة، فقال: من طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الصبح، بطلت صلاته، وأخرجه مسلم "٦٠٩" أيضا من حديث عائشة.
٣ أخرجه البخاري "٤/ ٦٨"، ومسلم "١١٤٧" من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام، صام عنه وليه" قال الحافظ ابن حجر: وقد أجاز الصيام عن الميت أصحاب الحديث وعلق الشافعي في القديم القول به على صحة الحديث، كما نقله البيهقي في "المعرفة" وهو قول أبي ثور، وجماعة من محدثي الشافعية أهل الحديث وقال البيهقي في الخلافيات: هذه المسألة ثابتة لا أعلم خلافا بين صحتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>