للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببطلان صلاة من احتجم ولم يتوضأ، والمالكي والشافعي يريان صحتها، والحنفي يشرب النبيذ، والمالكي والحنبلي يحدونه بشربه، بل الأول لا يقبل شهادة شاربه ولو حنفيا، وكان أبو حنيفة يقول بحليتها تسننا، ولا يشربها تزهدا.

على أن مثل هذه الفروع هي التي أوجبت النفرة حتى قال ربيعة: كأن النبي الذي بعث في الحجاز غير الذي يتبعه أهل العراق كما سبق. قال سند: إنما صحب صلاة المذاهب المختلفة، لكونهم يتحرون فيخرجون من الخلاف، فالشافعي يمسح جميع رأسه، وإن لم يوجب إلا مسح شعرة واحدة، والحنفي يقرأ الفاتحة في كل ركعة وأن لم يوجبها إلا في واحدة١ وعندي أن هذا جواب بعيد، فإن الخروج من الخلاف نفسه إنما هو مستحب، ولهم أن يفعلوا.

والقول بمراعاة الخلاف عابه جماعة من الفقهاء اللخمي وعياض وغيرهما كما في "إيضاح المسالك" على أن يفعل واجبا ولم ينو الوجوب قد اختلف في أجزائه وعدمه، وتعصب أصحاب المذاهب معلوم ما وصل إليه، فهم يتعمدون خلاف المخالف، ولا يتحرى الخروج من الخلاف الورعون، وقليل ما هم، فالصواب صحة الصلاة مطلقا.

وأما قول ابن القاسم: لو علمت أن واحدا يترك القراءة في الأخيرتين، ما صليت وراءه، فهو مقابل، ثم المسألة مبسوطة في الفوق "٧٦" عند القرافي، وزادها بسطا العياشي في العدد ٢٧٠ من ج٢ في رحلته، وحصلت فيها أربعة أقوال، وليتها كانت قولا واحدا، وهو ما حكى المازري عليه الإجماع.

وقال العياشي: إنه الأقرب، كان الأمير محمود بن سبكتكين حنفي المذهب، وانتقل إلى مذهب الشافعية لما صلى القفال بين يديه صلاة لا يجوز الشافعي دونها، وصلاة لا يجوز أبو حنيفة دونها، وقد ساق الحكاية القفال في فتاويه، وحكاها بعده إمام الحرمين وغيره كما في "الطبقات السبكي" في ترجمة


١ الذي في كتب الحنفية أن قراءة الفاتحة واجبة في الركعتين الأولين من الفرض وفي جميع ركعات النفل والوتر، انظر "الدر المختار" وحاشيته "١/ ٣٢١، ٣٢٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>