للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِثْمٌ كَبِيرٌ} ١، {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} ٢، وقال تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} ٣ الآية، وقال تعالى: {ذَلِكُمْ فِسْق} ٤.

ومنه اللعن كحديث مسلم: "لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا" ٥.

قال الحافظ: واللعن من دلائل التحريم كما لا يخفى.

ومن ذلك التوعد بأنه من عمل الشيطان، كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} ٦.

ومن ذلك التوعد على الفعل بالعذاب, وهذ أخص من كل ما سبق, فإنه مع كونه يدل على الحرمة يدل على أن الفعل كبيرة من الموبقات كما هو رأي الجمهور نحو: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ٧ الآية، {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} إلى قوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم} ٨.

وبالجملة إن الأحكام الخمسة لم يُنَصُّ في الكتاب والسنة عليها كما هي في كتب الفقه بألفاظ حرِّم، وأوجب، وأبيح، وندب، وكره في كل مسألة، وإنما الكتاب والسنة وردت فيهما الصيغ الدالة على السخط أو الرضى أو عدمهما، منطوقًا أو مفهومًا، أو ورد فعله -عليه السلام- وتقريره، أما ما سكت عنه فقال جمهور الأمة: إن طريق الوقوف على حكمه هو القياس بناءً على أن كل مسألة لها حكم خلافًا للظاهرية، ثم إن الصحابة -رضي الله عنهم, ومن بعهم أدركوا بحسب القرائن ما دلهم على تلك الأحكام, فاصطلحوا عليها ورأوا أن الأوامر والنواهي لا تخرج عنها, فبذلوا الجهد في الاستنباط والأخذ بحسب القرائن وموارد كلام العرب وإيماءتهم كناياتهم, ورب إشارة أفصح من عبارة, وكناية أبلغ من التصريح.

ومن ذلك أخذ الأمام البخاري طهارة المسك من حديث: "اللون لون دم


١ البقرة: ٢١٩.
٢ البقرة: ١٨١.
٣ الفرقان: ٦٨.
٤ المائدة: ٣.
٥ أخرجه مسلم في الصيد "ج٦/ ٧٣".
٦ المائدة: ٩٠.
٧ النساء ٩٣.
٨ التوبة: ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>