فكيف بزمانا هذا الذي لم يبق من الدين إلا اسمه. ولقد رأينا الذين يريدون فتح باب الاجتهاد بالفعل من المتفقهين الآكالين للسحت أول ما يبحثون فيه من المسائل أنهم لم يجدوا نصا على نجاسة الخمر، ولا على حرمة شحم الخنزير، وربما زادوا بعره وشعره، ولم يجدوا نصا على حرمة مس المصحف للجنب، وأمثال هذه الفتاوى التي تظهر منها مقاصدهم الصبيانية، فلا معدل لنا عن قول ترجح بتحقيق أمانة قائله إلى قول من هو مشكوك فيه، ومن أين لنا حصول درجة الاجتهاد الآن مع كثرة الدعوى من أهل الجهل المركب، فالصواب والحق هو بقاء الناس على التقليد في الفتاوى وأحكام الدعاوي، بل زيادة التضييق فيه والضبط لتنضبط الحقوق إلا ما سبق في ترجمة جواز الخروج عن المذهب لضرورة أو مصلحة الأمة، أو في عمل الإنسان في نفسه والله المستعان.