للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هريرة. كانوا يتحرون الرواية، وهذا عبد الله بن عمرو بن العاص كان أكثر ملازمة من أبي هريرة، ويكتب ما يسمع، وأبو هريرة كان لا يكتب، ولم يرو عنه ما روي عن أبي هريرة لاشتغاله بالسياسة وكان في مصر، ولم تقصد إذ ذاك لرواية الحديث.

وأجاب الباحث ثانيا عن جوابنا السابق بما نصه: أما رواية أبي حنيفة لسبعة عشر حديثا فقط، فهذه مسألة كفانا أئمة الحديث بسطها من البخاري فمن بعده، ومراد من قال ذلك إنما ينظر إلى رواية الصحيح المقبول، والسبب في ذلك أن أبا حنيفة كان يرى أن الأصل في المسلمين العدالة، ولذلك يرى قبول المستور وهو المجهول كما تقرر في الأصول. ومن هنا دخل الضعف في مروياته، وأدلة الفقه في المذهب الحنفي إلى اليوم تشتمل على أحاديث ضعيفة كثيرة١ بعدما أدخل الطحاوي حين تقلد المذهب الحنفي من التنقيحات لتلك الأدلة. وأما الإمامة التي نالها الإمام أبو حنيفة رحمه الله، فكانت بحسب نظره في الشريعة وبالقياس، وبما بلغه من الحديث قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} .

وأما دخول الصحابة الكوفة، فمسلم، لكن جمهرة الذين دخلوها منهم إنما كانت في عصر الشغل بالدولة وبالفتن حتى استقضى فيها شريح دون بقية الصحابة. ا. هـ. بحروفه ونكل للقارئ حرية النظر والتمحيص، ونقول: إن شريحا استقضي في خلافة عمر قبل الفتنة كما سبق لنا في ترجمته.


١ بمراجعة كتاب نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للإمام الزيلعي وغيره من كتب التخريج يتبين لك تهافت هذه الدعوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>