حلافا للمالكية فيهما. فأتت ترى الشدة والتوسع مشاعين في هاتين المسألتين.
ثم إن السعة والتسامح يجريان في العبادات والمعاملات، فالعبادات يمكن أن يوصف الحكم المتعلق بتسامح أو ضده من حيث ما فيه من التخفيف على المكلف إلا أن هذا لا ينبغي استحسانه على الإطلاق؛ لأنه قد يبلغ التسامح أو ضده إلى حد يضيع مقصد الشريعة من إصلاح المكلف فإن التكليف إلزام ما فيه كلفة، والكلفة مقصود للشارع، هذا كما في قول الحنيفة بالاكتفاء بشاهدي عقد النكاح بحضورهما، ولو كانا نائمين.
فالاكتفاء بهما نائمين مقصد الشارع من تكميل حفظ الأنساب، وأما المعاملات، فالتسامح فيها إن تعلق بأصل المعاملة كإباحة بعض أجناس المعاملات لاحتياج الناس إليها مثل المغارسة في المذهب المالكي، وبيع الوفاء١ في المذهب الحنفي. فهو ظاهر، وإن تعلق التسامح بالبطلان والصحة في فروع الأبواب، فقد يقال: إن التسامح حينئذ غير معتبر؛ لأن التسامح المتعلق بأحد المتعاقدين تشديد على الآخرة. ا. هـ. بحروفه.
١ صورته أن يبيع دارا أو أي عين بألف على أنه إذا رد عليه الثمن رد عليه الدار، وقد جاء في فتاوي النسفي فيما نقله عن ابن عابدين في حاشيته "٤/ ٢٥٧": البيع الذي تعارفه أهل زماننا احتيالا للربا، وسموه بيع الوفاء، وهو رهن في الحقيقة لا يملكه ولا ينتفع به إلا بإذن مالكه، وهو ضامنه لما أكل من ثمره، وأتلف من شجره، ويسقط الدين بهلاكه لو يفي، ولا يضمن، الزيادة وللبائع استرداده إذا قضى دينه لا فرق عندنا بينه وبين الربا.