للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناجي على المدونة أن هارون الرشيد ملك جارية فعزم على وطئها دون استبراء، فسأل مالكا ثلاثا يا أبا عبد الله هل من حيلة؟ فقال: أعتقها وتزوجها وهي حيلة من حيل الفقهاء. وقال الليث بن سعد: أتيت مجلسا فرأيت رجلا أحدق به الناس، فجلست فإذا هو أبو حنيفة، فقال له رجل: إن لي ابنا كلما زوجته امرأة طلقها أو ملكته أمة أعتقها، فقال: زوجه أمتك، إن أعتق أعتق ما لا يملك، وإن طلقها، رجعت إليك فاستحسنت ذلك منه. وأنكر بعض الناس نسبة الفتوى الأولى لمالك وأمثالها موجودة في كل مذهب لا أظن مذهبا يسلم منه، وإنكاره غير مفيد.

هذا ولم ندع أن الحيل أصل لجميع المذاهب كما يوهمه كلام الباحث وكلامنا في صفحة ٣٦٣ وما بعدها إنما فيه أنه أصل للحنفية وهم مصرحون بذلك كتبهم متقدمهم ومتأخرهم كما أننا لا نرى جواز تلقين المفتي الفجور ولا يبيحه حنفي ولا مالكي ولا غيرهما فيما أظن، وليس في كلامي إلا ما يفيد منعه، وقد اشترطت في الحيلة التي تعتبر شرعا أن لا تهدم أصلا شرعيا، ولا تناقض مقصدا شرعيا، ولقد عبت الاسترسال في الإفتاء بها والقياس عليها، وصرحت بأن الأئمة قسموها إلى الأحكام الخمسة تبعا لفتح الباري وعلى كل حال من تأمل هذا الفصل من "الفكر السامي" أدنى تأمل، ظهر له الحق، والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>