السلام، فما تركوا الحديث إلا لمعارض له ناسخ في ظن مالك ومن قال بقوله، ولكن لم يقم ذلك دليلا على أبي حنيفة وغيره، فلم يسلموا كونه خبر جمع عن جمع، لاحتمال الاجتهاد، ولم يسلموا النسخ أيضا لذلك، ولهذا ما أخذوا بالعمل المدني، ولا رأوا رأي مالك، كما هو مقرر في كتب الأصول. ويمكن الاحتجاج لهم على مالك بخطبة معاوية بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل المدينة حضور حيث أمسك بيده قصة من شعر، وقال:"يا أهل المدينة أين علماؤكم كيف تفعل نساؤكم هذا: إنما هلكت بنو إسرائيل حين فعلت نساؤهم هذا". الحديث وهو في البخاري١ بمعناه مكررا وفي غيره، ويجاب بأن الاحتجاج بعمل العلماء وما أنكره معاوية هو عمل نساء عامتهم داخل بيوتهم يمكن عدم اطلاع علمائهم عليه، وهبهم اطلعوا، فهذا نادر وقع ممن لم تنسب له عصمة.
١ "١٠/ ٣١٥" في اللباس باب وصل الشعر، وأخرجه مسلم "٢١٢٧" في اللباس والزينة: باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام الحج وهو على المنبر وتناول قصة من شعر كانت في يد حرسي يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه، ويقول: $"إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم".