للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفارسي١ كتابًا في مسائل الإجماع، وأنكر عليه كثير منه, وخولف في بعض تلك المسائل, فإذا من خالف الإجماع ولم يثبت عنده بعد فهو جاهل مخطئ.

وليس بمكذب، فلا يمكن تكفيره، والاستقلال بمعرفة التحقيق في هذا ليس بيسير منه، فتبيَّن أنه ليس لكل عالم حكاية الإجماع, بل له أئمة مخصوصون لا يقبل إلّا منهم على القول بتصوره ووجوده كما سبق.

واعلم أن الجمهور على الاحتجاج بالإجماع السكوتي، أما الإجماع الصريح فقال الأصفهاني٢: المشهور أنه حجة قطعية، ويقدَّم على الأدلة كلها، ولا يعارضه دليل أصلًا, ونسبه إلى الأكثرين، قال: بحيث يكفر مخالفه أو يضلل أو يبدع.

قلت: وفيه بحث, فإن دلالة الآية السابقة على حجته ظنية فقط، والحديث خبر آحاد، واستدل له بغيرهما, ولكن أضعف دلالة منهما، فأدلة حجيته ليست قطعية، إلّا أنه يُدَّعَى أن مجموعها يفيد قطعًا ولا يسلَّم، فكيف يكون قطعيًّا، وكيف يقدَّم على القطعي من الأدلة، وقال الرازي والآمدي: لا يفيد إلّا الظن، ومنهم من جعله مراتب، فإجماع الصحابة مثل الكِتَاب والخبر المتواتر، وإجماع مَنْ بعدهم بمنزلة المشهور من الأحاديث، والمسألة محلها الأصول، وألحق به مالك إجماع أهل المدينة، قال: إذا أجمعوا لم يعتد بخلاف غيرهم. ورآه حجة، ويأتي في ترجمة مالك بسط لذلك إن شاء الله. وتقدَّم في ترجمة مادة الفقه كلام على مرتبة الإجماع فارجع إليه.


١ هو أحمد بن الحسين بن سهل من كبار الشافعية، قيل: توفي سنة ٣٠٥هـ.
٢ لعله شمس الدين أبو عبد لله محمد بن محمود شارح المحصول، ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي "٨/ ١٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>