للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر أو نهي وبحسب مقتضيات الأحوال فيما لم تظهر فيه نص ولا إجماع على التعبد، فتكون أحكاما مصلحيه سياسية صادرة من حيث ما له من الإمامة والخلافة مربوطة بمصالح تتغير بتغيرها، أو مربوطة بأعراف كذلك، ولا تكون ضربة لازب لا تتغير واجبة العمل ولو تغيرت الأحوال، ولو جلبت ضررا أو دفعت مصلحه.

والدين يسر "والله يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتي عزائمه" كما أن أحكام المعاملات الدنيوية ليست كلها تتغير، بل بعضها فقط، وبهذا تتسع الشريعة على المسلمين في باب المعاملات لا العبادات ولا المعتقدات، فتلك أبواب لا مجال للمصالح فيها، ولكن بشرط أن لا نصادم نصا ولا إجماعا، ومثاله ما تقدم لنا في الجزء الثاني من نصب التماثيل للعظماء في الشوارع، ومنه مسائل الإرث، وأن للذكر مثل حظ الأنثيين، وكون شهادة المرأة نصف الرجل ومسألة الحجاب، كل أولئك بنصوص صريحة أو إجماع، فلا مجال للاجتهاد في ذلك وأمثاله، ولا سبيل لتغييره وأن تغييره مروق من الدين، وثورة على رسل رب العالمين، وإنما كلامنا في المسائل الاجتهادية التي قال فيها المتقدمون بما يوافق زمنهم.

فمن أدرك منا رتبة الاجتهاد، فله أن ينظر فيها بما يوافق أحوال وقته أو في المسائل التي لا نص فيها كمسألتنا، فبهذا يتسع صدر نصوص الفقه وباتساعها تصير ذات مرونة صالحة لهذا العصر الذي تغيرت فيه قوانين العالم كله بما لا يلائم المخترعات والأحوال الوقتية التي لا سبيل لدفعها ولا مناهضتها، وما تجددت حال أو ظهر اختراع، أو تغيرت سياسة إلا وتراهم يغيرون قوانينهم لئلا تمنعهم من التقدم، ولئلا تكون حجر عثرة في طريق نهوضهم، فتوجب السقوط، وضياع المجد، والحياة والشرف.

ولربما كان هذا الجمود على الألفاظ والمألوفات والأحكام التي جعلت كلها تعبدية في باب المعاملات التي بنيت على جلب المصالح، ودفع المضار من أسباب سقوط الأمم الإسلامية، وفي الخير لربما كانت سببا نبذ بعض الدول للشرعية كليا

<<  <  ج: ص:  >  >>