للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه لكل نبيه:

مما يجب أن نصرح به في هذا المقام رفعا لكل إبهام أن أبواب المعاملات والأحكام الدنيوية هي جزء لا يتجزأ من الشريعة الإسلامية وركن من أركانها، ولا تجد بابا من أبواب المعاملات إلا وأصله مأخوذ من نصوص القرآن صراحة، وضمنا، وكملت السنة النبوية كثيرا منها، وباشر النبي صلى الله عليه وسلم القضاء والحكم بنفسه امتثالا لقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ١ الآية وقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ٢ الآية وكمل الصحابة زمن الخلفاء فمن بعدهم أحكام ما نزل في زمنهم من النوازل بالاستناط حسبما أشرت إليه في القسم الأول والثاني من هذا الكتاب.

وهذا القسم الذي نشأ عن اجتهاد، ولم يقع فيه إجماع هو معترك العقول، ومحل الخلاف، وهو الذي يقبل التغير، ويتبع الأحوال المتجددة، ومن الجهل العظيم بالشريعة أن يزعم زاعم أنها مقصورة على أبواب العبادة.

ولعل الحامل لهذا القائل المبتدع ما لم يقله أحد هو ما رأى من تضييق بعض المتفقهة صدر الحنيفية السمحة بما يصيرها غير صالحة لهذا العصر ولا لكل الأمم وكلا الأخوين قد ضرا وقصرا في فهم الشريعة العامة الأبدية، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم هذا ما عن لي كتبه جوابا عن سؤالكم، والله ولي التوفيق.


١ سورة النساء: ٦٥.
٢ سورة المائدة: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>