توليت أمانة ديوانه وجدة، ولما ظهر للمخزن ثمرة أعمالي في ضبط أمر الديوان, حتى صار مدخولها ثلاثة أضعاف ما كان قبلي على ضعف النظام واختلال الأمن, وتيقن بما هو مثبوت في الدفاتر الرسمية من نجاح الأعمال، حصلت له الثقة بي, فزاد لي ذلك وظيف مفتش الجيش الذي كان مرابطًا هناك لصيانة وجدة من هجوم أبي حمارة، وشغله هناك عن رد وجهته عن فاس، وكان هو معظم الجيش المغرب إذ ذاك، وذلك سنة ١٣٢١، فكنت بهذه الصفة نائبًا عن وزير المالية في أمور الجيش المالية، وعن وزير الحرب فيما يرجع إلى الأسلحة والذخائر الحربية, وما إلى ذلك، وبمجرد استلامي للوظيف أخذت في التفتيش والضبط، وإسقاط كثير مما كان زائدًا في قوائم الجيش باطلًا, ولا حقيقة له مما كان من أسباب سقوط المغرب، ويسمى في اصطلاحهم "منفوخ", وحسمت مادة بيع الدخائر والأسلحة، وأحرزت خزنتها كليًّا، فاقتصدت لخزينة الدولة ما ينيف عن خمسة عشر ألف بسيطة عزيزية يومية, كانت تحمل على عاتقها، وتذهب في بطون لا تعرف الشبع هباء منثورًا، وأهمية هذا القدر في ذلكم الوقت لا تخفى، وقد انحسمت بعد ذلك مادة بيع الدخائر الحربية والسلاح للعدو، وتوفَّر للخزينة مال وافر مما كان يضيع فيها، كل ذلك مثبوت بالدفاتر الرسمية، وقد قصدت بذلك انقاذ الوطن المهدد، وإصلاح ما فسد، ولكن أبى الله إلّا أن يقضي أمرًا كان مفعولًا، وقد كافأني المخزن على هذه الأعمال بترقيتي إلى وظيف أعلى زيادة على ما قبله, وهو نائب الملك في الحدود، وفي فصل دعاوي الإيالتين هناك، وكلفت بتنظيم جيش لحراسة الحدود المغربية، وأحق ما ينشد هنا: