للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ذلك، أما السن فعظم, وأما الظفر فسُدَي الحبشة" ١, قال البيضاوي٢: هو قياس حذفت مقدمته الثانية لشهرتها عندهم, والتقدير: أما السن فعظم, وكل عظم لا يحل الذبح به، وطوى النتيجة لدلالة الاسثناء عليها، قال ابن الصلاح٣: هذا يدل على أنه كان -عليه السلام- قرر لهم أن لا تحصل به ذكاة، فلذلك اقتصر على قوله: "فعظم", قال: ولم أر بعد البحث من نقل للمنع من الذبح بالعظم معنى يعقل.

ويمكن أن يخرج على ذلك أيضًا حكم سعد بن معاذ, فيقال: بنو قريظة حاربوا, وكل من حارب تقتل مقاتلته, وتسبى نساؤه وذراريه, فتكون النتيجة: بنو قريظة تقتل مقاتلهم وتسبى نساؤهم وذراريهم. دليل الصغرى نقضهم العهد وممالأتهم قريشًا على حرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأحزاب، والكبرى ظاهرة، ويمكن أن يخرَّج على ذلك بعض القضايا السابقة أيضًا, وذلك غير خفي على من له معرفة بالمنطق، أما من ليس له به معرفة فلا فائدة في الإكثار عليه.

الاستصحاب:

هو النوع الثاني: وهو كما قال الزركشي٤ أنواع:

الأول: استصحاب ما دلَّ العقل والشرع على ثبوته ودوامه، كالملك عند جريان العول المقتضى له، وشغل الذمة عند جريان إتلاف أو التزام، ودوام الحل في المنكوحات بعد تقرر النكاح، وهذا لا خلاف في وجوب العمل به.

الثاني: استصحاب العدم الأصلي المعلوم بدليل العقل في الأحكام الشرعية، كبراءة الذمة من التكليف حتى يدل دليل شرعي على تغيره؛ كنفي صلاة


١ رواه الجماعة: البخاري في الذبائح:"٧/ ١١٨"، ومسلم في الأضاحي "٦/ ٧٨"، والترمذي في الأحكام "٤/ ٨١"، وأبو داود "٣/ ١٠٢"، والنسائي "٧/ ١٩٩"، وابن ماجه "٢/ ١٠٦١".
٢ أبو الخير: عبد الله بن عمر البيضاوي. ت: ٦٩٨، ترجم له المؤلف في القسم الرابع.
٣ أبو عمر عثمان بن الصلاح الموصلي. ت: ٦٤٣، ترجم له المؤلف في القسم الرابع، وانظر طبقات الشافعية "٨/ ٣٢٦".
٤ بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، ت ستة ٧٩٤هـ. "الدرر الكامنة" "٤/ ١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>