للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صلاة وقرأ قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} ١, فاستنبط التشريع من هذه الآية٢.

ومن ملحقات هذه المسألة: هل كان -عليه السلام- متعبدًا قبل البعثة بشريعة إبراهيم، لما عرف في كتب السيرة من كونه -عليه السلام- كان كثير البحث عنها, عاملًا بما بلغ إليه منها، وأمر باتباعها بعد البعثة {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} ٣ أو بشريعة آدم أو نوح أو غيره.

أقول: قال إمام الحرمين٤: هذه المسألة لا تظهر لها ثمرة, بل هي مسألة تاريخية تحتاج إلى أن تؤيد بنقل صريح وأين هو؟ ونحوه للمازري٥.

الاستحسان:

وهو النوع الرابع من الاستدلال، وقد اختلفوا في الاستحسان ما هو؟ كما اختلفوا في كونه حجة أم لا، فقال به الحنفية والحنابلة والمالكية، وأنكره الشافعي، حتى روي عنه أنه قال: من استحسن فقد شرَّع. مثاله: رشد اليتيم, قال الله فيه: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ٦ استحسن الحنفية أنه بلغ خمسًا وعشرين سنة فقد رشدن؛ لأنه مظنَّة الرشد, فيمكَّن من ماله، وخالف الشافعية والمالكية فقالوا: لا بُدَّ من ثبوته بالبينة كما هو مقتضى القياس، ومن ذلك أخذ ضامن درك العيب والاستحقاق بعد، والاستحسان يوجبه في حاضرة. القياس لا يوجبه لعدم وقوع استحقاق بعد, والاستحسان يوجبه عند مالك وغيره لضرورة تصوين أموال الناس وتسهيل معاملة البدوي، وقال جماعة من المحققين: الحق أنه لا يتحقق الاستحسان المختلف فيه؛ لأنهم ذكروا في تفسيره أمورًا لا تصلح للخلاف، لأن بعضها مقبول اتفاقًا وبعضها متردد بين


١ الأنعام: ٩٠.
٢ البخاري في التفسير "٦/ ١٥٥".
٣ النحل: ١٢٣.
٤ عبد الملك بن أبي محمد بن عبد الله بن يوسف الجويني الشافعي، ت سنة ٤٧٨هـ، ترجم له المؤلف في القسم الربع.
٥ محمد بن علي بن عمر التميمي المالكي، ت سنة ٥٣٦هـ, ترجم له المؤلف في القسم الرابع.
٦ النساء: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>