للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو مقبول اتفاقًا وبين ما هو مردد اتفاقًا، فأما من عرَّفَه بأنه: دليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عبارته عنه, فإمَّا أن يكون انقداحه في نفس المجتهد بمعنى تحقق ثبوته، فعمله به واجب, وهو مقبول اتفاقًا، وإمَّا أن يكون بمعنى أنه شاكٌّ فيه, فهو مردود اتفاقًا، ولا تثبت الأحكام بالاحتمال والشك، وقال الغزالي١ في المستصفى: إنه هوس؛ لأن ما لا يقدر على التعبير عنه لا يدري أنه وهم وخيال, أو تحقيق، ولا بُدَّ من ظهوره ليعتبر بأدلة الشرع لتصحيحه أو تزيفه٢.

وأما من عرَّفَه كاللخمي٣ في التبصرة بأنه: كون الحادثة مترددة بين أصلين أحدهما أقوى بها شبهًا أو أقرب إليها, والآخر أبعد, فيعدل عن القياس, على الأصل القريب إلى القياس على الأصل البعيد لجريان عرفه, أو ضرب من٤ المصلحة, أو خوف مفسدة, أو ضرب من الضرر، كما نقله التسولي٥ في الرهن، وكذلك من عرَّفه بأنه: العدول عن قياس إلى قياس أقوى، أو تخصيص قياس بأقوى منه؛ كتخصيص العرايا من منع بيع الرطب بالتمر، وهو معنى قول ابن العربي٦ في الأحكام: اتفق المالكية والحنفية على أن الاستحسان الأخذ بأقوى٧ الدليلين,..............................................


١ أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، ت سنة ٥٠٥هـ، انظر ترجمته في القسم الرابع.
٢ المستصفى "١/ ٢٨١".
٣ علي بين محمد الربعي، فقيه مالكي. ت سنة ٤٧٨هـ "الديباج المذَّهب" "٢/ ١٠٤", قد ترجم له المؤلف في أوائل القسم الرابع.
٤ قال المؤلف -رحمه الله: مثاله: الطلاق بلفظ الثلاث، متردد بين أن يقاس على أمثاله من العقود كالبيع والنكاح, فيشترط في وقوعه توفر الشروط الشرعية, فلا يلزم منه الآن إلا ما ألزمه الشرع، فلا يقع إلا واحدة، وبين أن يقاس على الأيْمَان والنذور التي ما التزمه المكلف منها لزمه على أي صفة كان، فألحقه عمر بن الخطاب بالثاني, وإن كان الأول أقرب شبهًا لضربٍ من المصلحة.
٥ عليّ بن عبد السلام التسولي، له كتاب البهجة شرح التحفة, في أحكام القضاء والوثائق، ت سنة ١٢٥٨هـ, انظر ترجمته في القسم الرابع من الكتاب.
٦ أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري المالكي، ت سنة ٥٤٣هـ. انظر ترجمته في أوائل القسم الرابع من الكتاب.
٧ قال المصنف -رحمه الله: يمثل له بالجد في الميراث تعارض فيه دليلان: الأول قيامه مقام الأب في عدم الاقتصاص منه لحفيده, وعتقه عليه وعدم شهادته له بإجماع، وهذه الأحكام تقتضي أن يكون أبًا يحجب الإخوة مطلقًا، وبه قال الصديق والحنابلة وأبو حنفية، =

<<  <  ج: ص:  >  >>