للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صبأنا، فقال -عليه السلام: "اللهم إني أبرؤ إليك مما صنع خالد" ووداهم من مال المسلمين لا من مال خالد لعذره بالاجتهاد, ولم يعزله بل أبقاه على ولايته١.

ويأتي لنا قريبًا ترجمتا القضاة والمفتين على العهد النبوي، فكل ذلك دلائل على ثبوت الاجتهاد، وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر: ما أبالي أن لا أعمل عملًا بعد الإسلام إلا أن أعمّر المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم, فزجرهم عمر وقال: ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيه فيما اختلفتم فيه, فأنزل الله: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ٢ الآية.

٧- وجوَّز للحاكم أن يجتهد, فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فلا وزر عليه بل له أجر واحد كما في صحيح مسلم٣.

٨- وهكذا أولى ماذ بن جبل مخلافًا من اليمن، وقال له: "بم تحكم يا معاذ"؟ فقال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد" , قال: بسنة رسول الله، قال: "فإن لم تجد" , قال: أجتهد ولا آلوا. فقال: "الحمد لله الذي وفَّق رسول رسول الله" رواه أبو داود وغيره٤, وتكلَّم فيه الجوزقاني٥، لكن له شاهد عند البيهقي في سننه، وقد استدلَّ به ابن العربي في الأحكام, وقواه السيوطي في كتاب القضاء من حاشية أبي داود، وكذلك ابن القيم في أعلام الموقعين، فقد قال: رواه شعبة قال: حدثني أبو عون عن الحرث عن عمرو بن أناس من أصحاب


١ أخرجه البخاري "٥/ ٢٠٣".
٢ التوبة: ١٩، والحديث أخرجه مسلم في الإمارة "٦/ ٣٦"، وراجع تفسير القرطبي "٨/ ٩٢".
٣ سبق تخريجه "ص٧٨".
٤ أبو داود "٣/ ٢٠٣"، والترمذي "٣/ ٦٠٧".
٥ أو الجوزقاني: -بالراء- الحسين بن إبراهيم أبو عبد الله، من كتبه "الموضوعات"، وكتاب الأباطيل" ت سنة ٥٤٣هـ "اللباب في تهذيب الأنساب" "١/ ٢٥٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>