للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أتوجه حيث يوجهني ربي: أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء، حتى تعلوني الشمس، الحديث.

من السابقين الأولين للإسلام، كان خمس الإسلام لأنه أسلم بعد أربعة، وقيل: بعد ثلاثة، وقصة إسلامه في الصحيحين١، وهاجر إلّا أنه بعد بدر وأحد، ولم يتيسر له شهودهما، ولا شهود الخندق، وقال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أبو ذر في أمتي على زهد عيسى بن مريم" ٢.

وقال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما يحرك طائر جناحه في السماء إلّا ذكرنا معه علمًا، وهو أول من حيي النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحية الإسلام, وهي السلام عليكم، وذلك لما دخل عليه ليسلم، وروى ابن عبد البر عن أبي الدرداء, أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر" ٣، وقال فيه علي -كرم الله وجه: إنه وعاء مليء علمًا ثم أوكيء عليه.

قالوا: وكان يوازي ابن مسعود في العلم، ولذلك كان عمر ألحقه بأهل بدر في العطاء، وقال أبو ذر: كان قوتي علي عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاعًا من تمر، فلست بزائد عليه حتى ألقى الله، وحكي عنه في معالم الإيمان٤ أنه قال: إني أقربكم مجلسًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، فقد سمعته يقول: "أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة مَنْ خرج من الدنيا كهيئة ما تركته فيها" , وإنه والله ما منكم من أحد إلّا وقد تشبث منها بشيء غيري.

وكان بالشام, وهو ممن نشر فيه العلم والدين، وشكاه معاوية لعثمان؛ لأنه كان يرى وجوب التصدق٥ بما زاد على القدر الضروري مما تقوم به الحياة، فقد


١ البخاري "٥/ ٥٩"، ومسلم "٧/ ١٥٢".
٢ أخرج الترمذي عن مالك بن مرثد, عن أبيه, عن أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر, شبه عيسى بن مريم عليه السلام ... الحديث" قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي بعض هذا الحديث فقال: "أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى بن مريم -عليه السلام" "٥/ ٦٦٩".
٣ الترمذي "٥/ ٦٦٩"، وابن ماجه "١/ ٥٥".
٤ انظر التعليق في الصفحة السابقة.
٥ قال المؤلف -رحمه الله: رأي أبي ذر هذا هو أصل المذهب الاشتراكي السائد اليوم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>