ولهذا نأخذ عليها الأمر الثاني: وهو أن اجتهاد أبي ذر -رضي الله عنه- لم تكن فرصة مناسبة لربطها "بالاشتراكية" من جهتين؛ أولاهما: ما بينها من أنه كان اجتهادًا مرجوحًا، وثانيهما: أنه ليس لأحد كائنًا من كان أن يخلط بين "النظام الرباني الإسلامي" وبين الأنظمة البشرية والأفكار الوضعية، فإن فعل أحد ذلك فقد جنى على شرع الله؛ لأنه يحمله حينئذ أوزار تلك الأنظمة وعيوبها ونواقصها، ولذلك لا أدري أكان المصنف في محاولته هذه التوفيق بين الاشتراكية والإسلام على بصيرة بما وصلت إليه الاشتراكيات, والغاية التي انتهت إليها وهي "الاشتراكية الماركسية", والتي تقوم على أصول منها: الجدلية التاريخية أو التفسير المادي للتاريخ، وإنكار الأديان والأخلاق، وسائر الروابط الإنسانية، وحتمية الصراع بين الطبقات، وأن هذه "الهلوسات" الماركسية كلفت البشرية كثيرًا من الضحايا والمأسي حتى الآن. ١ مسلم "٣/ ٧٧". ٢ أبو ذر الغفاري: جندب بن جنادة: ترجمته في الإصابة "٧/ ١٢٥"، والاستيعاب "١/ ٢٥٢"، وأسد الغابة "١/ ٣٠١".