والمواهب الصمدانية بمطالعة التأليف المسمى "الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي", الذي هو تأليف أخينا العزيز، والمبرز على منصَّة وزارة العلوم والمعارف الإسلامية أتمَّ تبريز, بما له من غزارة العلوم وحسن التدبير والتميز, البحر الخضم الذي لا يدرك ساحله، والبر الخصيب الذي لا تطوى مراحله, والطراد الشامخ الذي حنت إليه الفضائل السامية، السياسي الغيور المتمسك بالسنة النبوية العالية، الفرد الذي كسى بحرير تحريراته حرائر المعارف، وحلى بيواقيت أفكاره عرائس اللطائف، المشارك النحرير الذي لا يجارى في ميدان العرفان، الدراكة الشهير الذي لا يقابل عند المساجلة إلا بالتسليم والإذعان, النبيه المتيقظ الذي فاق كل من يكتب ويروي, أبي عبد الله سيدي محمد بن الأستاذ المنعم بكرم الله سيدي الحاج الحسن الثعالبي الشهير بالحجوي، حفظ الله مجادته وأعلى مقامه، ومهَّد له سبل المعالي مع السلامة، ومزيد الاستقامة، القائل لسان حال مؤلفاته:
تلك آثار تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثار
وتأملت جملة وافرة من مبانيه، وأمعنت النظر في تراكيب معانيه، فوجدته كما قال القائل:
وخريدة برزت لنا من خدرها ...
كالبدر يبدو من رقيق غمام
تسبي من العرب العقول بأسرها ... وتطير لب الروم والأعجام
فاشتد للتعليق به هيامي، وأضرمت لتقريظه نار غرامي، فلم أشعر إلّا والنداء خلفي وأمامي، اتئد أيها النبيه، وهون على خلدك، فما عسى أن تقول فيه، ولسان حاله يصرخ بملء فيه، فقريض أبي الثناء تقريظه منه نفسه، فرجعت إلى نفسي وقلت لها: وايم الله ما خوطبت إلّا بمقالة صدق, ولا سمعت إلا صميم حق، فمعاينة الأثر تغني عن الخبر، فلله دره من مؤلف، ياله من مصنف، أسس على تحرير المناط، كأنه تحريرات القرافي وابن الشاط، ضمَّنه من الأفعال الصريحة والأحاديث الصحيحة ما تطمئن له النفوس، ويقول كل منصف: لا عطر بعد عروس، وكيف لا ولم يسبق لهذا الصنيع العجيب،