للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنع من زيادة المهور على خمسمائة درهم صدقات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وبناته, حتى احتجّت عليه امرأة بقوله تعالى: {وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} الآية. قال: كل أحد أفقه منك يا عمر حتى النساء١, فهذا عمر الذي وافق ربه في بضعة عشر موضعًا, وهو سيد الفقهاء والمجتهدين, وهو من المحدثين الملهمين, وقع له مثل هذا ولا غضاضة عليه في ذلك.

ومع إنصافه مَنْ دونه لا يعظم امرؤ أمامه في الحق, فإنه يواجهه به ولا يبالي، ففي الصحيح أن عثمان دخل يوم الجمعة وعمر يخطب فجلس، فقال له: أية ساعة هذه؟ فقال عثمان: ما هو إلّا أن سمعت النداء فتوضأت وأتيت، فقال له: والوضوء أيضًا, ألم تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالغسل يوم الجمعة٢, فلم تمنعه جلالة عثمان الذي هو أجلّ الناس بعده إذ ذاك من الإنكار عليه على رءوس الأشهاد.

ومع علمه الواسع خرج من الدنيا وهو يشكو جهل ثلاثة أحكام, ويتمنى أن لو عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها: ميراث الجد، والكلالة، وأبواب من الربا، والحديث في الصحيح وقد خطب بذلك على الملأ قبيل وفاته رحمه الله٣.


١ أما نهي عمر -رضي الله عنه- عن المغالاة في المهور فروه أبو داود "٢/ ٢٣٥"، والترمذي "٣/ ٤١٣"، والنسائي "٦/ ٩٦"، وابن ماجة "١/ ٧٠٦" وأحمد "١/ ٤٠، ٤٨"، كلهم عن أبي العجفاء السلمي قيل اسمه هرم بن نسيب، وثقه ابن حبان والدراقطني، وقال البخاري: في حديثه نظر، قلت: ورواه أيضًا الحاكم عن سعيد بين المسيب. المستدرك "٣/ ١٧٥"، أما زيادة إنكار المرأة على عمرو احتجاجها بآية النساء فرواها الخطيب البغدادي بإسناده عن مسروق بن الأجدع. الفقه والمتفقه "١/ ١٤١، ١٤٢ " ط. دار إحياء النبوية "١٣٩٥هـ" وذكرها القرطبي في تفسير قوله تعالى: {وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} "٥/ ٩٩".
٢ متفق عليه: البخاري "٢/ ٢"، ومسلم "٣/ ٢".
٣ مسلم في الفرائض "٥/ ٦١".

<<  <  ج: ص:  >  >>