للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدم لزوم الطلاق لمن حلف أو عاقد على شرط, وبه تمسّك الظاهرية وبعض الحنابلة, قال ابن حزم في "المحلى": اليمين بالطلاق لا يلزم سواء برَّ أو حنث, ولا يقع به طلاق إلّا كما أمر الله, ولا يمين إلّا كما شرع الله -تبارك وتعالى- على لسان رسوله.

قال: فهؤلاء علي بن أبي طالب, ولا يعلم له مخالف من الصحابة، وشريح١، وطاووس٢, كما رواه عبد الرزاق في مصنفه عنهما، لا يقضون بالطلاق على من حلف فحنث٣, قال في "أعلام الموقعين": وممن روي عنه ذلك عكرمة مولى ابن عباس٤.

قال: ومن تأمَّل المنقول عن السلف وجد منه ما هو صريح في عدم وقوع الطلاق، وهو عكرمة، وطاووس، وظاهر فقط وهو المنقول عن عليّ وشريح، وصريح في التوقف وهو ابن عيينة٥، وأما الصريح في الوقوع فلا يؤثر عن صحابي واحد إلّا فيما هو محتمل لإرادة الوقوع عند الشرط كالمنقول عن أبي ذر، بل الثابت عن الصحابة عدم الوقوع في صورة العتق الذي هو أولى بالنفوذ من الطلاق, ولهذا ذهب إليه أبو ثور٦.

وقال: القياس أن الطلاق مثله إلّا أن تجتمع الأمة عليه, فتوقف في الطلاق لتوهم الإجماع، قال: وهذا عذر أكثر الموقعين للطلاق, وهو ظنهم أن الإجماع على الوقوع مع اعترافهم أنه ليس في الكتاب والسنة والقياس الصحيح ما يقتضي الوقوع، ثم أطال في تقوية ذلك فانظره في عدد "٣٦٦" من السفر الأخير٧.

قلت: أثر علي الذي ذكره معلوم, فإن حمَّاد بن سلمة لم يحتج به البخاري, وحميد والحسن مدلسان, ومراسيل الحسن كالريح فهو ضعيف, وحجة جمهور الأئمة القياس الصحيح على اليمين, وأن من التزم شيئًا منها لزمه كالإقرار, والطلاق تعلّق به حق المرأة كي تزول عنه سيطرة الرجل, فقياس الطلاق على


١ ابن الحارث أبو أمنة القاضي الكوفي.
٢ ابن كيسان.
٣ أعلام الموقعين "٤/ ٩٨".
٤.... البربري أبو عبد الله المدني.
٥ سفيان.
٦ إبراهيم بن خالد أبو ثور البغدادي.
٧ "٤/ ٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>