للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخوة في الدين، ومفهومه أن مانعها ليس كذلك، وفي الآية الأخرى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} ١، ثم ظهر حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما بزيادة: "ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة"، كما في الصحيح٢، ولم يكن عمر يعلم هذه الزيادة, ولو علمها ما بقي محل للنزاع, ولو علمها أبو بكر ما استدل بها، فما وقع في النسائي من طريق أنس بإثباتها في مجادلتها غير محفوظ٣، والمحفوظ ما في الصحيحين، وعلى ثبوتها أمارتان، فيكون دليلًا لمن أجاز من الأصوليين اجتماع دليلين على مدلولواحد؛ لأنهما أمارتان, ولمن أجاز اجتماع القياس والنص الموافق له.

ومنها: أن يبلغه الحديث ويجد له معارضًا من القرآن بحسب اجتهاده فيطعن فيه، ومنه ما رواه أصحاب الأصول من أن فاطمة بنت قيس شهدت عند عمر بن الخطاب أنها كانت مطلقة الثلاث, فلم يجعل لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفقة ولا سكنى, فردّ شهادتها، وقال: لا نترك كتاب الله, أعني: قوله تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} ٤ لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت لها النفقة والسكنى٥.

وقالت عائشة: لا خير لها في ذكر هذا الحديث.

وفي مسلم قالت فاطمة: يا رسول الله, أخاف أن يقتحم علي. قال: "أخرجي" ٦، وفي البخاري عن عائشة: كانت في مكان وحش فخيف عليها٧، وقالت فاطمة: بيني وبينكم كتاب الله، قال الله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ٨، أي: أمر يحدث بعد الثلاث٩، فتبيَّن أن الآية في تحريم الإخراج, والخروج إنما هي في الرجعية وصدقت، وهكذا هو في الآية


١ التوبة: ٥.
٢ متفق عليه: البخاري "١/ ١٤"، ومسلم "١/ ٣٩".
٣ النسائي "٨/ ٩٦".
٤ الطلاق: ١.
٥ مسلم "٤/ ١٩٨".
٦ مسلم "٤/ ١٩٧".
٧ البخاري: "٧/ ٧٤".
٨ الطلاق: ١.
٩ متفق عليه: البخاري "٧/ ٧٤، ومسلم واللفظ له "٤/ ١٩٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>