للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى بدليل آخرها وهو: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} ١، غير أن عمر رأى القياس على أصل القرآن القطعي مقدَّمًا على خبر الواحد, لكن ثبت ذلك أيضًا في المبتوتة من الآية الأخرى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} ٢, وتبيَّن أن صراحة القرآن إنما هي في السكنى دون النفقة, ولذلك أوجب مالك السكنى للمطلقة مطلقًا, والنفقة للرجعية فقط دون البائن جمعًا بين الأدلة, إلّا إذا كانت حاملًا ما لم يمت المطلِّق, فلا نفقة ولا سكنى للرجعية في التركة لإرثها بخلاف البائن, فالسكنى لها دين في التركة, وتنقطع الحامل بالوضع أو الموت أو بلوغ أقصى الحمل.

ومن هذا المعنى حكم عثمان بأن المختلعة لا عدَّة عليها، وإنما تستبرأ بحيضة، ذاهبًا إلى أن الخلع فسخ لا طلاق، محتجًا بأن زوجة ثابت بن قيس بن شماس لما اختلعت منه أمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتربَّص حيضة واحدة كما في النسائي والترمذي وحسنه٣، وفي الترمذي أيضًا أن الربيع بنت معوذ اختلعت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم, أو أمرت أن تعتدَّ بحيضة. قال الترمذي: الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة٤, ولعله يشير إلى ما رواه ابن سعد أن الذي أمرها عثمان في حصاره سنة خمسة وثلاثين٥، أما من لا يرى تخصيص القرآن القطعي بالخبر الظني بل تقديم القرآن عليه, ويرى أن الخلع طلاق, فيفتي بلزوم العدة وهو مذهب المالكية، وهذا من المسائل التي قدَّم فيها مالك ظاهر القرآن، ورآه قادحًا في خبر الآحاد ويعضده حديث: "أتردين عليه حديقته" قالت: نعم، قال: "فطلقها طلقة واحدة" ٦، ومهما كان طلاقًا لزمت العدة لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ٧.

ومن ذلك ما رواه الشيخان أن عمر كان يرى التيمم بدلًا عن الوضوء لا الغسل, فالجنب لا يتيمم, فروى عنده عمار بن ياسر أنه كان في سفر فأصابته جنابة


١ الطلاق: ٦.
٢ الطلاق: ٢.
٣ أخرجه الترمذي في الطلاق "٣/ ٤٨٢"، وأما رواية النسائي فليس فيها أنه أمرها أن تتربص حيضة واحدة "٦/ ١٤٠"، والحديث أصله في الصحيح. البخاري "٧/ ٦٠".
٤ الترمذي "٣/ ٤٨٢".
٥ طبقات ابن سعد.
٦ أخرجه البخاري في الطلاق عن ابن عباس "٧/ ٦٠".
٧ الطلاق:١.

<<  <  ج: ص:  >  >>