للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي الشعثاء١، وطاوس٢، وسعيد بن المسيب، وكثير غيرهم.

كلهم ملأوا الأرض علمًا ونورًا وفقهًا وتفسيرًا, وكانوا صفوة أهل الأرض في زمنهم -رضي الله عنهم, وهو معدود أيضًا من المكثرين في رواية الحديث, فقد روى "١٦٦٠" حديثًا, لكن الذي رواه منها سماعًا "٢٥", والباقي عن الصحابة, كذا قال البزدوي٣، ونوزع في ذلك.

وعلى كل حالٍ فإن جلّ مروياته عن كبار الصحابة كعمر وزيد وأمثالهما، قال ابن عباس: لما مات النبي -صلى الله عليه وسلم, قلت لرجل من الأنصار: هلمَّ بنا نسأل الصحابة, فإنهم اليوم كثير، قال: واعجبًا لك, أترى الناس يحتاجون إليك؟ قال: فترك ذلك وأقلبت أسأل.

قال: إن كان ليبلغني الحديث عن رجل فآتي بابه وهو قائل, فأتوسَّد رداءي على بابه يسفي الريح علي من التراب, فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله, ما جاء بك, هلا أرسلت إلي فآتيك، فأقول: لا, أنا أحق أن آتيك, فأسأله عن الحديث, فعاش الرجل الأنصاري حتى رأني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني فقال: هذا الفتى كان أعقل مني.

ويعد أول من فسَّر القرآن, ولذلك يقال له ترجمان القرآن, وقد فسَّره غيره قبله كعمر وعلي, لكن في زمن ابن عباس بدأ اختلاط اللغة, واحتاج القرآن للمفسِّر، فتكلَّم في ذلك ابن عباس كثيرًا واستعان عليه بكثرة ما روى من السُّنَّة وأشعار العرب الذين نزل بلغتهم, وأظن أنه أوّل من أخذ تفسير القرآن من الشعر العربي وأمثالهم وخطبهم.

وروي عنه تفسير مطبوع بأسانيد معروفة في فهارس العلماء، قال أبو جعفر النحاس في معاني القرآن بإسناده إلى أحمد بن حنبل، قال: بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة, لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدًا


١ جابر بن زيد الأزدي.
٢ ابن كيسان اليماني.
٣ فخر الإسلام علي بن محمد بن الحسين، من أئمة الحنفية، ت سنة ٤٨٢هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>