للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحيلوا للاصطياد في السبت١, ولعن السنة الذين حرمت عليهم الميتة فجمَّلوها وأكلوا ثمنها كما في أصح الصحيح٢، فالحيلة إذا هدمت أصلًا شرعيًّا أو ناقضت مصلحة شرعيَّة حيلة ملغاة لا يجوز الترخيص فيها، وما ليست كذلك فلا تلغى، فالحيل ثلاثة أقسام: ملغاة بالاتفاق: كحيلة المنافق في إظهار الإسلام وإخفاء الكفر، وغير ملغاة اتفاقًا: كمن نطق بكلمة الكفر وقلبه مطئمن بالإيمان لحقن دمه، والثالث ما لم يتبيّن فيه بدليل قطعيٍّ إلحاقه بالأول ولا بالثاني، وفيه اضطربت أنظار النظار، وهو محل التنازع بين الحنفية وغيرهم، ولذلك فسمها الأئمة إلى الأحكام الخمسة, فمنها جائز وحرام ومندوب ومكروه وواجب، والحيلة الشرعية ما خلصت من المحرم ولم توقع في إثم، وانظر فتح الباري أول كتاب الحيل٣، وموافقات الشاطبي آخر الربع الثاني٤، وغيرهما.

وقد أطلت في ترجمة أبي حنيفة, ولكني في الحقيقة مقصر:

أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره ... هو المسك ما كرَّرته يتضوَّع٥


١ ذكر أهل السبت في خمسة مواضع في القرآن: سورة البقرة "٦٥، ٦٦"، وفي سورة النساء "١٥٤، ١٥٥"، وفي الأعراف "١٦٣"، وفي النحل "١٢٤"، أما ذكر لعنهم ففي النساء "٤٧": {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} .
٢ متفق عليه: تقدَّم تخريجه.
٣ فتح الباري "١٢/ ٢٦٦" ط. الخشاب.
٤ الموافقات "٢/ ٢٨٠".
٥ هذا الفصل عن الإمام أبي حنيفة من أوضح الأدلة على إنصاف المؤلِّف ودقته العلمية, وله في الحافظ ابن عبد البر المالكي في كتابه "١٢٢-١٧١" أسوة حسنة وسلف صالح, رحم الله الجميع وجزاهم خير الجزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>