للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفصِّل بين أن يكون البيع من رجلين أو رجل واحد، وحديث بريرة "هو لها صدقة ولنا هدية" ١, وقال لماعز لما أقرَّ بالزنى: "إبك جنون"؟ كما في الصحيح٢، وقال للرجل الذي قال له: اقترفت حدًّا: "هل صليت معنا"؟ قال: نعم, قال: "فذلك كفارة ذنبك" كما في الصحيح٣، فوجود أصل الحيل في الشريعة مما لا يشك فيه، ولا يخلو مذهب منه، ومن ذلك قول خليلنا: فإن فعلت المحلوف عليه حال بينونتها لم يلزم.

وقال الحنابلة: لو نصب شبكة قبل أن يحرم فوقع فيها صيد بعد الإحرام حلَّ له أكله, وما أشبهه بحيلة أهل السبت، لكن المعيب على بعض الحنفية القياس عليها, والاسترسال على أصل مذهبهم حتى أفتوا: من اشترى جارية وأراد وطأها من يومها بدون استبراء أن يتزوجها.

ونسب ابن ناجي٤ في شرح المدونة الفتوى بها لمالك، وقد انتقدوا عليه نسبتها لمالك، وأفتوا السارق أن يدعي أن الدار داره, وصاحبها عبده, فيسقط الحد، ومن حلف أن يطلق امرأته أبدًا أن يقبِّل أمها فتحرم عليه، فأمثال هذه الفتاوى مستبشع في الدين معاب بلا شك.

كما أن الكتب التي ألفها الحنفية في الحيل من هذا النوع عيبت عليهم, وذمها العلماء أبلغ ذمٍّ؛ لأنها حيل ضعيفة المدرك, ويلزم منها انحلال الشريعة وإفساد نصوصها، ونحن نرى أن مثل هذه الحيل لا تُقْبَل حتى عند أصحاب الشرائع البشرية لما تؤدي إليه من الفساد.

وأيضًا لوجود ما يدل على النهي عن الاسترسال فيها؛ كلعن القرآن الذين


١ متفق عليه.
٢ متفق عليه: البخاري في المحاربين "٨/ ٢٠٥"، ومسلم في الحدود "٥/ ١١٦".
٣ البخاري في المحاربين "٥/ ٢٠٦".
٤ قاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي القيرواني.

<<  <  ج: ص:  >  >>