للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفوا في مسألة واحدة, ثم أتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: لا أدري ما قالا، رسول الله نهى عن بيع وشرط١, ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته, فقال: لا أدري ما قالا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث بريرة: "إن الولاء لمن أعتق" ٢ البيع جائز والشرط باطل, ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا, قال: جابر بن عبد الله: بعت من النبي -صلى الله عليه وسلم- ناقة وشرط لي حلابها وظهرها إلى المدينة٣. البيع جائز والشرط جائز.

أما مالك فقد عرف الأحاديث كلها, وعمل بجميعها, وقسم البيع والشرط إلى أقسام: شرط يناقض المقصود كشرط العتق فيحذف.

وشرط لا تأثير له كرهن أو حميل فيجوز.

وشرط حرام كبيع جارية بشرط أنها مغنية فيبطل البيع كله، وغيره لم يمعن النظر ولا حرَّر المناط.

ثم إن حديث بريرة وجابر كلٌّ منهما في الصحيح, أما حديث نهي عن بيع وشرط فمتكلَّم فيه, لكنه على شرط أبي حنيفة, وهو الشهرة, والله أعلم.


١ هذا حديث عمرو بن بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع وشرط وهو صحيح على شرط أبي حنيفة، وسماع شعيب من عبد الله بن عمرو ثابت، قال الدراقطني في السنن "٣/ ٥١" ثنا محمد بن الحسن النقاش نا أحمد بن تميم قال: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: شعيب والد عمر بن شعيب سمع من عبد الله بن عمرو؟ نعم، قلت له: فعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يتكلم الناس فيه؟ قال: رأيت علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والحميدي وإسحاق بن راهويه ويحتجون به، وما يؤيد أبا حنيفة في مذهبه هذا حديث: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع" أخرجه النسائي "٧/ ٢٥٩"، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهذا على تفسير: أن البيع شرو وهذا شرط فيجتمع شرطان. "عبد العزيز القاريء".
٢ رواه الجماعة: البخاري في الفرائض "٨/ ١٩١"، وفي غيره من الأبواب، ومسلم في العتق "٤/ ٢١٣"، والنسائي في لطلاق "٦/ ١٣٢"، وأبو داود في الفرائض "٣/ ١٢٦"، والترمي في الولاء "٤/ ٣٤٧"، وابن ماجة في العتق "٢/ ٨٤٢".
٣ أصل الحديث في الصحيحين: البخاري في الشرط "٣/ ٢٤٨"، ومسلم في المساقاة "٥/ ٥١"، ورواه أيضًا الترمذي "٣/ ٥٤٥"، والنسائي "٧/ ٢٦١"، وفي أبي داود "٣/ ٢٨٣"، وأحمد "٣/ ٢٩٩": بعت النبي -صلى الله عليه وسلم- بعيرًا واشترطت حملانه إلى أهلي، أما ذكر الحلاب فلم أجد له غير هذا الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>