كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي

ترجمة سادسهم الإمام العلم إمامنا وإمام دار الهجرة وأمام الأئمة مالك بن أنس - مدخل - ج: 1 - ص: 453

قال الحميدي١ في كتاب جذوة المقتبس: حدَّث القعنبي٢ قال: دخلت على مالك وهو يبكي في مرض وفاته فقلت: ما يبكيك؟ فقال لي: ومالي لا أبكي, ومَنْ أحق بالبكاء مني, والله لوددت أني ضربت بكل مسألة أفتيت فيها برأي بسوط سوط، وقد كانت لي السعة فيما قد سُبِقتُ إليه, وليتني لم أفت بالرأي أو كما قال.

ولم نعرف لمالك رحلة إلّا للحج, لكون العلم وجلّ العلماء مقرهما في الحجاز, وإليه يرحل إذ ذك، لذلك اقتصر على الأخذ عنهم، أو عن مَنْ يرد من علماء الأقطار للحج والزيارة.

ولد -رحمه الله- سنة ثلاث أو أربع وتسعين, وتوفى سنة تسع وسبعين ومائة باتفاق، بعد أن ترك أثرًا عظيمًا وعملًا جسيمًا في الفقه الإسلامي, فاز به على مَنْ قبله, واقتفى آثاره فيه من بعده.

واعتمده الاحتجاج بموطئه جميع المذاهب من حيث السنة للإجماع على فضله وتحريه وثقته، قال البيهقي٣ في المدخل: عن يحيى بن محمد العنبري أنه قال: طبقات أصحاب الحديث خمسة: المالكية والشافعية والحنابلة والراهوية٤ والخزيمية أصحاب محمد بن خزيمة٥، نقله في أعلام الموقعين٦.

---

١ هو محمد بن فتوح بن عبد الله أبو عبد الله بن أبي نصر.
٢ عبد الله بن مسلحة بن قعنب القعنبي الحارثي أبو عبد الرحمن المدني. تهذيب التهذيب "٦/ ١٣".
٣ هو أحمد بن الحسين بن علي أبو بكر.
٤ نسبة إلى إسحاق بن راهويه.
٥ محمد بن إسحاق بن خزيمة.
٦ مالك بن أنس بن مالم بن أبي عامر الأصبحي: أبو عبد الله المدني الأصبحي الحميري، جده أبو عامر صحابي، مات سنة ١٧٩. المعروفة والتاريخ "١/ ٦٨٢"، وفهارس "٣/ ٦٣٧"، وسير أعلام النبلاء "٨/ ٤٨"، والحاشية التحفة اللطيفة "٣/ ٤٤٢"، تقريب التهذيب "٢/ ٢٢٣"، تهذيب التهذيب "١٠/ ٥"، تهذيب الكمال "٣/ ١٢٩٦"، الكاشف "٣/ ١١٢"، الخلاصة "٣/ ٣"، التقيد "٢/ ٢٢٣"، معجم طبقات الحفاظ "١٤٦"، جامع المسانيد "٢/ ٥٥٩".