للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجعل من الذكر الجميل صنائعًا ... فإذا عُزِلْت فإنها لا تعزل

وقوله:

الجد يدني كل أمر شاسع ... والجد يفتح كل باب مغلق

فإذا سمعت بأن مجدودًا حوى ... عودي فأثمر في يديه فحقق

وإذا سمعت بأن محرومًا أتى ... ماء ليشربه فغاض فصدق

وأحق خلق الله بالهمِّ امرؤ ... ذو همة يبلى بعيش ضيق١

وقوله وقد صدق:

ولولا الشعر بالعلماء يزري ... لكنت اليوم أشعر من لبيد

كان الشافعي يجتلب ألباب الكبار بفصاحته ومهارته, وناهيك برجل اجتذب الإمام أحمد، وعبد الرحمن بن مهدي، أن يكون من تلاميذه، ويأخذا عنه في حال أنه محتاج إليهما في فنهما, مستعينًا بهما على ما يعانيه من الفتيا والفقه.

قال السيوطي: الإجماع على أنه أول واضع لعلم الأصول؛ إذ هو أوَّل من تكلَّم فيه وأفرده بالتأليف, وكان مالك في الموطأ أشار إلى بعض قواعده, وكذلك غيره من أهل عصره كأبي يوسف ومحمد بن الحسن؛ إذ هو من العلوم المركوزة في طباع العرب, مأخوذ من استعمالاتهم في محاورتهم, وقد دوَّن الشافعي فيه رسالته المشهورة.

قال ابن خلدون في المقدمة: تكلَّم فيها على الأوامر والنواهي, والبيان والخبر والنسخ, وحكم العلة المنصوصة من القياس, وهي رسالة من أبدع ما ألف وأحسن ما صنف, وله غيرها. وبهذا خدم الشافعي الفقه خدمة تذكر له فتشكر, وقرَّب بقواعده طريق الاجتهاد لمن يريده, وجعل قواعد الأصول منارًا يهتدى بها في بحر الكتاب والسنة, يؤمَن معها من الزلل, والخروج على الجادَّة, والله يجازيه


١ الأبيات في طبقات الشافعية للسبكي "١/ ٣٠٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>